بريسيلا وجان لويس
حين سئلت إحدى بناتنا عن الصورة التي تحملها عن والديها قالت: "ما يعجبني بشكل خاص في والديّ هو الاحترام الذي يكنّه كل منهما للآخر... من المهم جداً احترام كون الآخر مختلفاً. إن احترام اختلاف الآخر يسمح له بالحفاظ على حريته وبأن يكون ما هو عليه، وحرمان الآخر من هذه الحرية يعني جعله تعيساً ومنعه من الازدهار، وبالتالي يصبح ذلك عائقاً أمام تفتّح الزوجين بالذات".
بالفعل تفترض هذه الهبة الكاملة احترام الواحد الآخر والإصغاء له. لا يمكن لما هو "كلّي" أن يصير "كلّياني" متسلطاً إذ تستوجب صفة الكلي أن يلتزم كل واحد بحرّية أن يحترم الآخر في كيانه الأكثر عمقاً، ولا يمكن للآخر أن يصبح عبد رغباتي ومشاريعي ونزواتي. لست شرطياً يراقب الآخر، فكل واحد حارس لكيان الآخر في سره المصون. يبدأ الاحترام بالإصغاء إلى ما هو الآخر في اختلافه. نلمس هنا شفافية ليست "جليدية" بل حارة تحترم سر الآخر وجماله وقسماً من حديقته السرية. هذه الشفافية المتبادلة هي شرط لكمال الهبة وتسمح لها بأن تأخذ كامل حجمها في تاريخ الزوجين والعائلة. وتغذّي هذه الشفافية الاحترام والثقة وإن تطلّب ذلك اجتياز بعض الغموض وعدم التفاهم وحدوداً يتعذر تجاوزها. يكون الآخر في هبته الكلية أكبر دائماً من الكلمات التي قد تعبّر عن هذه الهبة. ولا تعني حدوده أن هبته ليست كلية بل هي تبيّن أن هذه الهبة تتجاوز حدود المظاهر وفي الوقت ذاته أنه يمكن تجديدها وإغناؤها بفضل النعمة الإلهية.