يتحدث كثيرون اليومَ عن أزمةِ القيمِ، وعن الانعزاليّةِ والرُّوحِ الفرديّةِ، وعن نقصِ التَّضامنِ؛ ولدينا غالباً نوعٌ مِن التَّخوفِ في أنْ نقولَ أنَّ هذا يرجع، على الأرجحِ، إلى انتهاكِ حقيقةٍ الحبِّ الزَّوجيّ. ويحضرني هنا اجتماعٌ لأولياءِ الأمورِ، كان عددُ الحاضرين فيه يزيد على مائتيّ شخص، وقد طرحتُ عليهم السُّؤالَ التَّالي: مَن منكم واثقٌ ومتيقن بأنَّه فعلاً محبوبٌ؟ فأجابني بنعم شخصان أو ثلاثةٌ فقط مِن كلِّ الحاضرين! وهذا يعني ببساطةٍ، أنَّ المجتمعَ الذّي نعيش فيه يبعث على الفرديّةِ والبحثِ عن ضماناتٍ وعن الاستقلالِ الذَّاتيّ ، لأنَّه يفتقد هذا اليقينُ الجوهريّ، يقينُ بالعَلاقة. وفي هذا السِّياقِ يمكننا أنْ نفهمَ إصرارَ البابا يوحنا بولس الثاني في أحاديثه - وله كلُّ الحقِّ في ذلك- على موضوعِ التَّضامنِ الاجتماعيّ. فإنَّ يقينَ الإنسانِ المُتواصلِ بأنَّه محبوبٌ ومُختارٌ هو قاعدة وأساسٌ للتَّعايشِ الإنسانيّ؛ وانطلاقاً مِن هذا، يُصبح الإنسانُ ذاته قادراً على أنْ يُحبَّ.