وبحسبِ بعضِ المحللين النفسيين الأكفاءِ، يمكن أنْ يكونَ الفعلُ الجنسيّ أمراً ذاتيّاً وشخصيّاً تماماً، بدون حتى أدنى مُشاركةٍ لأيِّ مضمونٍ أو محتوى للعَلاقة، وبالتَّالي لا حقيقةٌ له، أي أنَّه مجردُ شكلٍ خارجيّ لا يُعلنعن أيِّ بُعدٍ للعلاقة حقيقيّ. ويحدث أنَّه يمكن ممارسةُ الفعلِ الجنسيّ على مستوى الإشباعِ واللذةِ فقط وبدون أيِّ مضمونٍ للحبِّ، أي بدون أيِّ مضمونٍ للشخصِ. إنَّما الفعلَ الجنسيّ، على العكسِ مِن ذلك، هو فعلٌ أصيلٌ، يُعبِّر عن حقيقته عندما يكون رمزاً، أي عندما يصبح تلك الحقيقةَ الكونيّةَ الملموسةَ ذات الصلةٌ المُوضوعيّةٌ والسرمديّةٌ الغيرُ قابلةٍ للانحلال بالمضمون الذّي تحجبه وتخفيه.
خلافاً لهذا التّصورِ، يصبح الفعلُ الجنسيّ مجردَ "علامةٍ"، أي مجردَ شيء يمكن أنْ نعطيه المعنى الذّي نريده؛ فالعلامةُ في الحقيقةِ، كما هو مُتعارفٌ عليه، مثلُ لافتةِ الطَّريقِ، لأنَّ معناها هو ثمرةٌ لاتفاق ما، ولذلك يمكننا تغييره. إنَّما الرَّمزُ، بالعكسِ، فهو يملك في حدِّ ذاته محتوىً موضوعيّاً لا يمكن تغييره على حسب الاختياراتِ. ويمكننا أنْ نُشبِّه الجنسَ بجبل الجليد، الذّي يمثل فيه الجزءَ المُنغمسَ المخفيّ القسم الأكبرَ بمراحلٍ مِن ذاك الجزءِ الذّي يُرى؛ كذلك أيضاً الفعلِ الجنسيّ: ينبغي أنْ يُظهرَ كلَّ حقيقةِ الواقعِ المُعاشِ كحياةٍ مُتشبِّعةٍ بالحبِّ، يتداخل فيها الكلُّ ويتوحَّد في الحبِّ، وفي الموتِ عن الذات مِن أجلِ الآخر.