20- تمييز الأفكار
يلزمنا أن نراعى بكل حرص هذا الأمر المثلث الجوانب، فلنختبر الأفكار التي تهاجمنا ببصيرة وحكمة، لندرك ما هو مصدر الفكر وأسبابه منذ بدايته. وبهذا يمكننا أن نأخذ في اعتبارنا هل نخضع له وذلك حسب نوع مقترحه، فنكون كالصيارفة الحكماء كما يعلمنا بذلك الرب. إذ هم بمهارتهم وخبرتهم يميزون الذهب النقي الخالص الذي تنقى بالنار كما ينبغي، وبمهارتهم لا ينخدعون بقِطع النحاس المغشاة بطبقة خفيفة من الذهب والتي تبدو ذات قيمة عظيمة… إنهم بذكائهم ومهارتهم يدركون تمامًا العملات المزيفة التي يصكها كبار المخادعون…
هكذا يلزمنا أولاً أن نختبر بكل حرص كل فكر يدخل إلى قلوبنا وكل تعليم نتلقنه لنرى ما إذا كان قد تنقى بنار الروح القدس الإلهي السماوي، أو ينتمي إلى ضلال الهراطقة، أو هو ثمرة كبرياء الفلسفة البشرية التي ليس لها إلا سطحيات التديّن.
نستطيع أن نعمل هذا إن سلكنا بنصيحة الرسول القائل “أيها الأحباءُ لا تصدّقوا كلَّ روحٍ بل امتحنوا الارواح هل هي من الله…” (1 يو1:4).
ينخدع البعض بهذا النوع، فيغويهم حُسن التنسيق، والتعاليم الفلسفية التي تخدع لأول وهلة بما فيها من بعض المعاني الورعة التي تتفق مع الدين، وذلك كما يخدع بريق الذهب ناظريه. هؤلاء تجذبهم المظاهر، لكن سرعان ما يشعرون أنهم في الواقع قد خرجوا فارغي اليد، ويسقطون في اليأس ويكونون كمن قد انخدعوا بالنقود النحاسية المغشوشة.