وإذ رآه أبلس كرجل مجنون… أدرك أن السهم الناري الشيطاني قد انغرس في قلبه، وأنه بفعله هذا (عنفه في الحكم، ذاق من ذات الكأس) فانحرف عن الحق وتبلبل فهمه، فذهب إليه يسأله: إلى أين تسرع؟ وما الذي جعلك تنسى هيبة شيخوختك حتى تضطرب بهذه الصورة الطفولية وتتحرك بسرعة؟
وبسبب شعوره بالذنب وارتباكه… حسب أن شهوة قلبه قد انكشفت، وأن الأب أبولس قد عرف خبايا قلبه، لهذا لم يتردد في الإجابة على أسئلته.
أجابه الأب أبولس: “عُد إلى قلايتك واعرف أن الشيطان يتجاهلك ويزدري بك، ولا تنظر هكذا إلى أولئك الذين يستفزهم العدو يوميًا ويناضلهم بسبب جهادهم ومهارتهم. ها أنت لم تحتمل سهمًا واحدًا وجهه إليك بعدما قضيت أعوامًا طويلة في هذا العمل…
وقد سمح الله لك بالجرح حتى تعلم أنه يلزمك في شيخوختك أن تترفق بالضعفاء… ولكي تعرف وتختبر أن تشفق لضعف إرادة الحديثين. لأنه عندما لجأ إليك حدثًا مضطربًا بحرب شيطانية لم تشجعه بأية تعزية، بل دفعت به إلى اليأس المحزن المهلك، وألقيت به في أيدي العدو، وكنت كمن لا تبالي بالهلاك المحزن الذي يلحقه.
مع أن (الشيطان) لم يهاجمك بنفس القوة التي هاجمه بها، لأنه يزدري أن يحاربك… وقد ناضل ضده لعلّه يجرده من محاسن الفضيلة التي وجدها في طبيعته، وأراد أن يخربها بسهامه النارية، إذ يعلم بلا شك أن هذا (الشاب) أقوى منك ، لذلك جدّ في محاربته بلا هوادة، حاسبًا أن غلبته على هذا الشاب شرفًا عظيمًا.