والإنسان الذي يتقوى بهذه النظم، لا يصل فقط إلى إدراك الوسيلة الكاملة للتمييز، بل يبقى دائمًا في أمان من مكائد العدو. فليس هناك وسيلة أخرى يسقط بها الشيطان الإنسان بتهور ويقوده إلى الموت إلا عن طريق الاستخفاف بأقوال الآباء واعتماده على أفكاره الخاصة وأحكامه.
إن كانت كل الفنون والاختراعات المكتشفة ببراعة الإنسان، التي نفعها يخص حياتنا الزمنية فقط، لا نستطيع فهمها ما لم يعلمنا إياهم معلم، فكم غباوة نكون عليها إذا تخيلنا أننا لسنا محتاجين إلى معلم في تلك الأمور التي لا تراها العين بل القلب النقي، والخطأ فيها لا يؤدي إلى خسارة وقتية يمكن إصلاحها بسهولة بل تدفع إلى انهيار الروح والموت الأبدي؟! هذه التي نخوض فيها معارك نهارية وليلية، ليس أمام أعداء منظورين بل غير مرئيين وقاسين، معارك روحية ليس أمام واحد أو اثنين، بل أمام صنوف بلا حصر!
وللفشل في هذه المعارك خطورته الكبرى، لسبب كثرة العدو (إبليس وجنوده) وسرية الحرب. لهذا يلزمنا أن نقتفي آثار آبائنا وننزع حجاب الخجل كاشفين لآبائنا كل ما يخطر لفكرنا