2- أهميته
أذكر لما كنت في منطقة طيبة Thebaid حيث يقطن الطوباوي أنطونيوس وأنا صبي جاءه جماعة من الآباء يسألونه عن “الكمال”. واستمرت المناقشة من المساء حتى الصباح، وأخذ هذا السؤال النصيب الأكبر من الليل.
وقد نوقش: أيالفضائل أكمل وأقدر على حفظ الإنسان من مصائد الشيطان وحيله، وتحمله إلى الطريق الآمن الحقيقي، وترتفع به بدرجات ثابتة على قمم الكمال؟
تحدث كل واحد على حسب ميول عقله، فقال البعض بأن الجهاد في الصوم والسهر يقوّم الفكر وينقي القلب ويسهل للإنسان التقرب إلى الله. ومنهم من قال بأن المسكنة والزهد في الأمور الأرضية يُمكّنا العقل أن يكون هادئًا صافيًا خاليًا من هموم العالم، متجهًا بالكامل نحو الله، ولا تقتنصه أشراك العدو.
وظن البعض أنه بالضرورة الانسحاب من العالم، أيضًا الوحدة والانعزال في حياة التوحد، حتى يُمكن للإنسان بالأكثر أن يتحدث مع الله ويلتصق به. وذكر البعض أعمال المحبة أيضًا فعل الرحمة، لأن الرب يقول لفاعليها كما وعدهم في الإنجيل:
“تعالوا إليّ يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم، لأني جُعتُ فأطعمتموني، عطشتُ فسقيتموني…” (مت34:25،35).