بولس الرسول رجل الصلاة نيافة الانبا رافائيل لا يمكن أن نتخيل قديسًا بدون صلاة، ولا تستقيم حياة روحية بدون صلاة، والصلاة لابد أن تكون من قلب نقي، وتكون أيضًا بلجاجة وفي كل حين، ومصحوبة بإيمان قلبي شديد. ومُعلِّمنا بولس الرسول نموذج جيد لهذا الإنسان المُصلي. (1) يصلي دائمًا صلاة الشكر: +"لا تهتَمّوا بشَيءٍ، بل في كُل شَيءٍ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ مع الشُّكرِ، لتُعلَمْ طِلباتُكُمْ لَدَى اللهِ" (في4: 6). + "إني أشكُرُ اللهَ الذي أعبُدُهُ مِنْ أجدادي بضَميرٍ طاهِرٍ، كما أذكُرُكَ بلا انقِطاعٍ في طِلْباتي ليلاً ونهارًا" (2تي1: 3). ويشكر الله من أجل أنه صار خادمًا.. + "وأنا أشكُرُ المَسيحَ يَسوعَ رَبَّنا الذي قَوّاني، أنَّهُ حَسِبَني أمينًا، إذ جَعَلَني للخِدمَةِ" (1تي1: 12). ويشكر الله من أجل قوة الإيمان، ومن أجل خدمة الناس ومحبتهم في المسيح.. + "أوَّلاً، أشكُرُ إلهي بيَسوعَ المَسيحِ مِنْ جِهَةِ جميعِكُمْ، أنَّ إيمانَكُمْ يُنادَى بهِ في كُل العالَمِ" (رو1: 8). + "أشكُرُ إلهي عِندَ كُل ذِكري إيّاكُمْ دائمًا في كُل أدعيَتي، مُقَدمًا الطَّلبَةَ لأجلِ جميعِكُمْ بفَرَحٍ، لسَبَبِ مُشارَكَتِكُمْ في الإنجيلِ مِنْ أوَّلِ يومٍ إلَى الآنَ" (في1: 3-5). + "لذلكَ أنا أيضًا إذ قد سمِعتُ بإيمانِكُمْ بالرَّب يَسوعَ، ومَحَبَّتِكُمْ نَحوَ جميعِ القِديسينَ، لا أزالُ شاكِرًا لأجلِكُمْ، ذاكِرًا إيّاكُمْ في صَلَواتي" (أف1: 15-16). + "نَشكُرُ اللهَ كُلَّ حينٍ مِنْ جِهَةِ جميعِكُمْ، ذاكِرينَ إيّاكُمْ في صَلَواتِنا، مُتَذَكرينَ بلا انقِطاعٍ عَمَلَ إيمانِكُمْ، وتعَبَ مَحَبَّتِكُمْ، وصَبرَ رَجائكُمْ" (1تس1: 1-2). + "أشكُرُ إلهي كُلَّ حينٍ ذاكِرًا إيّاكَ في صَلَواتي، سامِعًا بمَحَبَّتِكَ، والإيمانِ الذي لكَ نَحوَ الرَّب يَسوعَ، ولجميعِ القِديسينَ" (فل4، 5) ترى من هذه الآيات كم الحب الذي يكنه هذا الرسول الطاهر نحو مخدوميه وأحبائه.. إذ يشكر الله من أجل تقدمهم الروحي، بل أنه أيضًا لا يفتر عن أن يصلي لأجلهم. (2) يصلي من أجل الجميع: + "كما أذكُرُكَ بلا انقِطاعٍ في طِلْباتي ليلاً ونهارًا" (2تي1: 3). + "فإنَّ اللهَ الذي أعبُدُهُ بروحي، في إنجيلِ ابنِهِ، شاهِدٌ لي كيفَ بلا انقِطاعٍ أذكُرُكُمْ، مُتَضَرعًا دائمًا في صَلَواتي" (رو1: 9-10). + "طالِبينَ ليلاً ونهارًا أوفَرَ طَلَبٍ، أنْ نَرَى وُجوهَكُمْ، ونُكَملَ نَقائصَ إيمانِكُمْ" (1تس3: 10). + "وأُصَلي إلَى اللهِ أنَّكُمْ لا تعمَلونَ شَيئًا رَديًّا" (2كو13: 7). + "الأمرُ الذي لأجلِهِ نُصَلي أيضًا كُلَّ حينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ: أنْ يؤَهلكُمْ إلهنا للدَّعوَةِ، ويُكَملَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاحِ وعَمَلَ الإيمانِ بقوَّةٍ" (2تس1: 11). + "فأطلُبُ أوَّلَ كُل شَيءٍ، أنْ تُقامَ طَلِباتٌ وصَلَواتٌ وابتِهالاتٌ وتشَكُّراتٌ لأجلِ جميعِ الناسِ، لأجلِ المُلوكِ وجميعِ الذينَ هُم في مَنصِبٍ، لكَيْ نَقضيَ حياةً مُطمَئنَّةً هادِئَةً في كُل تقوَى ووَقارٍ" (1تي2: 1-2). الصلاة من أجل الآخرين تُعبِّر عن روح الحب والاهتمام، وتفتح قلب المسيح جدًا ليقبل الصلاة، ويرضى على الإنسان. وما تطلبه من خير للآخرين يضاعفه لك المسيح.. ما أحلى القلب الذي ينشغل عن هموم نفسه بهموم غيره. (3) المداومة على الصلاة: هذه هي سمة أساسية لصلوات مُعلِّمنا بولس الرسول: + "ليلاً ونهارًا" (2تي1: 3). + "بلا انقِطاعٍ" (رو1: 9). + "كُلَّ حين" (كو4: 12). + "دائمًا" (رو1: 10). إنها صلوات الحب الذي لا ينقطع، ويريد أن الحديث أيضًا لا ينقطع. لقد أصيب مُعلِّمنا بولس الرسول بمرض في الجسد، وكان يصلي من أجل الشفاء بلجاجة، واستمر يكرر الطلب رغم عدم الاستجابة، لأن الله كان يرى أمر آخر.. "مِنْ جِهَةِ هذا تضَرَّعتُ إلَى الرَّب ثَلاثَ مَرّاتٍ أنْ يُفارِقَني (المرض). فقالَ لي: تكفيكَ نِعمَتي، لأنَّ قوَّتي في الضَّعفِ تُكمَلُ" (2كو12: 8-9). وكانت وصيته: + لأهل رومية.. "فرِحينَ في الرَّجاءِ، صابِرينَ في الضَّيقِ، مواظِبينَ علَى الصَّلاةِ" (رو12: 12). + ولأهل كولوس "واظِبوا علَى الصَّلاةِ ساهِرينَ فيها بالشُّكرِ، مُصَلينَ في ذلكَ لأجلِنا نَحنُ أيضًا" (كو4: 2-3). (4) قوة إيمانه بالصلاة: معروف أن الإيمان يعطي الصلاة قوة واستجابة، بل يعتبر الإيمان شرطًا أساسيًا لاستجابة الصلاة.. "وكُلُّ ما تطلُبونَهُ في الصَّلاةِ مؤمِنينَ تنالونَهُ" (مت21: 22). لذلك صلى مُعلِّمنا بولس الرسول في السجن في فيلبي، فانفتحت أبواب السجن وانفكت قيود الجميع.. "ونَحوَ نِصفِ اللَّيلِ كانَ بولُسُ وسيلا يُصَليانِ ويُسَبحانِ اللهَ، والمَسجونونَ يَسمَعونَهُما. فحَدَثَ بَغتَةً زَلزَلَةٌ عظيمَةٌ حتَّى تزَعزَعَتْ أساساتُ السجنِ، فانفَتَحَتْ في الحالِ الأبوابُ كُلُّها، وانفَكَّتْ قُيودُ الجميعِ" (أع16: 25-26). وكان أيضًا يصلي في السجن بقيصرية من أجل إيمان الملك أغريباس.. "كُنتُ أُصَلي إلَى اللهِ أنَّهُ بقَليلٍ وبكَثيرٍ، ليس أنتَ فقط، بل أيضًا جميعُ الذينَ يَسمَعونَني اليومَ، يَصيرونَ هكذا كما أنا، ما خَلا هذِهِ القُيودَ" (أع26: 29). هكذا كانت حياة القديسين مليئة بالصلاة الفعالة بالإيمان، ولعل ما يصيبنا الآن من متاعب وضعفات يرجع إلى قلة صلاتنا، وضعف إيماننا.. دعونا نصلي بإيمان وبمواظبة وبلجاجة كمثل مُعلِّمنا بولس الرسول. (5) يطلب الصلاة لأجله: لا يكفي أن يصلي الإنسان عن نفسه وعن الآخرين أيضًا، بل يحتاج أيضًا أن يصلي الآخرون عنه.. + "مُصَلينَ في ذلكَ لأجلِنا نَحنُ أيضًا، ليَفتَحَ الرَّبُّ لنا بابًا للكلامِ" (كو4: 3). + "مُصَلينَ بكُل صَلاةٍ وطِلبَةٍ كُلَّ وقتٍ في الرّوحِ... لأجلِ جميعِ القِديسينَ، ولأجلي، لكَيْ يُعطَى لي كلامٌ عِندَ افتِتاحِ فمي" (أف6: 18-19). إن اتضاع مُعلِّمنا بولس الرسول يجعله يطلب من مخدوميه أن يصلوا عنه. + "وأنتُمْ أيضًا مُساعِدونَ بالصَّلاةِ لأجلِنا، لكَيْ يؤَدَّى شُكرٌ لأجلِنا مِنْ أشخاصٍ كثيرينَ، علَى ما وُهِبَ لنا بواسِطَةِ كثيرينَ" (2كو1: 11). + "فأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، برَبنا يَسوعَ المَسيحِ، وبمَحَبَّةِ الرّوحِ، أنْ تُجاهِدوا مَعي في الصَّلَواتِ مِنْ أجلي إلَى اللهِ" (رو15: 30). آه لو تعود إلى الناس روح الصلاة.. إن العالم اليوم يفتقر إلى رجال صلاة يملأون الكنيسة بالروح بصلواتهم القوية الأمينة.. دعني يارب أن أكون أحد هؤلاء مع قارئي العزيز.