وهذا المعنى الأخير هو الذي تستعمله كنيستنا الأرثوذكسيّة وتجده أكثر توافقًا وسياق الصلاة الربّيّة. ومع أنّ كلّ حصر لا يرى في هذه الطلبة سوى طلب الحاجات الأرضيّة هو ناقص، فإنّ طلبة الخبز الجوهريّ لا تهمل طلب حاجات الإنسان الضروريّة للحياة.
وذلك أنّ الله الذي يحضّ المؤمنين على أن يطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه (متّى 6: 33)، يحمل أتباعه على أن يدركوا جوده وإحسانه هنا في حياتهم دائمًا، وأن ينتظروا منه كلّ شيء بثقةٍ لا تتزعزع.
فإذا قال الربّ صلّوا: 'خبزنا... أعطنا'، فهو يريد منهم أن يتوجّهوا إليه معترفين به إلهًا وسيّدًا على حياتهم، وأن يثقوا بفعله وخلاصه في زمانهم الحاضر. يعلّمنا يسوع، في إنجيله، أن نتّكل على الله وحده في كلّ شيء (اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم...). أن نتّكل عليه في كلّ شيء، أو أن نسلّم حياتنا له، هو أن نستلمها منه.
نقول 'خبزنا... أعطنا'، والخبز هو من ضرورات هذه الحياة. هو، كما ترى التوراة، عطيّة من السماء وكرمًا من الله يتوّج عمل البشر. يسوع يريدنا دائمًا أن نطلب الخبز، في صلواتنا، من الله أبينا لنتعلّم أن نكون أمامه كالأطفال الذين ينتظرون كلّ شيء منه (متّى 7: 9 وما يوازيها).