القرون الوسطى :
في نهاية القرن الثامن سعى شارلمان إلى توحيد أوروبا ونشر النظم الرومانية ومنها نظام التوبة العلنية الذي كان قائماً آنذاك فتواجد النظامان معاً حسب المبدأ: توبة علنية لخطيئة علنية، وتوبة خاصة لخطيئة خاصة. إلا أن نظام التوبة الخاصة فرض نفسه في النهاية وقد بدأ بإقرار خاص بالخطايا وحل علني داخل إطار ليتورجي يترأسه الأسقف وظل كذلك حتى منتصف القرن العاشر. وأصبح التكفير يتبع الحل ولا يسبقه كما في التوبة العلنية .
وهنا قد يقع نظام التوبة الخاصة في فخين :
أولاً: كثرة الإلحاح في الإقرار بالخطايا واهتمام الخاطئ وتركيزه على ما يجب أن يقر به للكاهن يكون على حساب توبته الحقيقية التي هي أساسية أكثر من الإقرار. لذلك نرى في الكنيسة البيزنطية أن هذا السر تسوده أجواء من انسحاق القلب من ألم الخطيئة والندم عليها والتوبة، فيشعر الخاطئ أنه شوّه صورة الله فيه وبالتالي يرغب في تغيير حياته والقداسة. لذلك تكثر في صلوات الاستغفار الشرقية معايير عامة أكثر منها خاصة: "إذا خطئنا عمداً او سهواً، قولاً أو فعلاً، بجزع القلب أو صغر النفس بإرادة أو بغير إرادة ، بوعي أو بغير وعي"..
ثانياً: فقدان البعد الجماعي الكنسي ، وهنا حافظت الكنائس الشرقية على البعد الجماعي ففي قداس الكنيسة القبطية تذكر صلاة الحل قبل خدمة الكلمة (القراءات) بصلاة الحل للابن وصلاة حل الخدام، مما يتيح مشاركة الجماعة في الصلاة من أجل الخطأة. وكذلك في الطقس الأثيوبي والماروني يكون الحل في نهاية خدمة القرابين وقبل المناولة.
نحن إذاً أمام نظامين متباينين لممارسة سر المصالحة اختبرتهما الكنيسة متتالين أو سوياً ولكل منهما ميزاته وعيوبه. ويحق لنا التساؤل: أليس من الممكن أن نختبر مزيجاً منهما مدمجاً ميزات كل منهما ومتجنباً عيوبهما ؟؟؟