بمعنى هل من الملائم للخاطئ أن تحل خطيئته؟
لاشك أن هذه التساؤلات نشأت على أرضية الاضطهادات الدامية التي واجهت الكنيسة في نشأتها، وخاصةً الاضطهادات الثلاث الأخيرة التي اتسمت بالعنف فأنكر بعض المؤمنين إيمانهم ثم ارتدوا إلى الكنيسة بعدها . فكيف تتصرف الكنيسة تجاههم؟
إزاء ذلك برز اتجاهان متعاكسان احدهما متشدد والآخر متساهل:
كوبريانوس أسقف قرطاجة في شمال أفريقيا كان متشدداً بعد الاضطهاد الأول، لكنه لان فيما بعد مغيراً موقفه بشكل جذري بعد الاضطهاد الثاني. وتصرف بابوات روما تصرفاً رعوياً مماثلاً بمسامحة ورحمة العائدين وتفهّم ضعفهم البشري. أما ترتليانوس فقد اعتبر ذلك تراخياً يحث المؤمنين على الوقوع في الخطايا لاسيما خطيئة الزنى. وكان هذا أيضاً رأي تيار المونتانية الذي انتمى إليه ترتليانوس في آخر حياته .
من هنا نشأ خلاف بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية في النظرة إلى سر التوبة ، فيقول كوبريانوس الذي يمثل نظرة الكنيسة الغربية أن مصالحة الخاطئ مع الكنيسة تسبب الغفران من الله ، لذلك فإن أعمال التكفير هي بمثابة سبب غفران الخطيئة. أما أوريجانوس الذي يمثل رأي الكنيسة الشرقية لم يعتبر أن المصالحة مع الكنيسة تسبب الغفران من الله بل إن غفران الله يسبب المصالحة مع الكنيسة بمعنى أن أعمال التكفير هي شرط فقط للغفران تجلب المغفرة ولا تسببها.