إذن فالذي خلق كل هذه الكائنات الروحية ألاّ يستطيع أن يجدد جسد الإنسان مرة أخرى، وأن يجعل القابل للفساد غير قابل للفساد ويرفعه لي أعلا مرتبة ؟
من يفكر بأن الجسد لا يقوم هو عديم الفهم. فعدم قيامة الجسد تعنى عدم قيامة الإنسان. لأن الإنسان ليس نفس فقط بل نفس وجسد معًا. فلو أن النفس هي التي تقوم فقط فهذا معناه أن نصف الإنسان فقط هو الذي يقوم وليس كله. ومن ناحية أخرى فإن القيامة بالنسبة للنفس ليس لها معنى واضح. فالقيامة هي للذى سقط وتحلل، النفس لا تتحلل ولكن الجسد هو الذي يتحلل.
لكن ماذا تعنى هذه الكلمات " إن كنا لابسين لا نوجد عراة "؟ هنا يطرح علينا سر خفي وعظيم. ما هو هذا السر؟ لقد أعلنه في رسالته الأولى لي أهل كورنثوس حينما قال: " هوذا سرٌ أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير " (1كو51:15ـ52). وما معنى هذا الكلام؟ يعنى اليهود والأمم وعبدة الأوثان والهراطقة وكل إنسان عاش في هذا العالم سيقوم في اليوم الأخير.
فالقيامة هي عامة للجميع، للأتقياء وغير الأتقياء، للأشرار والأبرار، لكى لا تعتقد أن هناك دينونة ظالمة وتقول في نفسك، ماذا إذن ؟ أنا الذي جاهدت كل هذه الجهادات أقوم، وعابد الأوثان الذي طغى وسجد للأوثان ولم يؤمن بالمسيح هو أيضًا سيقوم ويستحق نفس الكرامة؟ اسمع ماذا يقول الكتاب : " وإن كنا لا بسين لا نوجد عراة"، ويتساءل المرء كيف يحدث هذا؟ طالما يلبس الإنسان الخلود وعدم الفساد كيف يُوجد عاريًا؟ هذا يحدث عندما نكون مجردين من المجد ومحرومين من الدالة أمام الله. إن أجساد الخطاة تقوم وتكون خالدة ولكن هذه الكرامة تتحول بالنسبة لهم لي وسيلة للعقاب والعذاب. وحيث إن هذه النار المُعدة لا تُطفأ، هكذا أجساد هؤلاء لا تفنى أبدًا. ولهذا قال " إن كنا لا بسين لا نُوجد عراة " .