فإن كان من الواجب أن نتحدث عن بعض الأمور غير الواضحة وغير المؤكدة فإننا نعنى بها الأمور الحاضرة التي لا تبقى على حالها، لكنها تتغير من حين لي آخر وتنتقل كل يوم من شخص لي شخص. هذه الأمور أوضحها لنا الرسول بولس ولهذا، فأمور العالم الحاضر سماها بالوقتية وأمور الدهر التي بالأبدية .
ويتكلم عن قيامة الأموات فيقول: " لأننا نعلم إنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناءً من الله بيت غير مصنوع بيدٍ، أبدى " (2كو1:5). ولاحظ كيفية استخدامه للكلمات بدقة وكشفه لقوة معانيها. لأنه لا يكتفي بأن يدعو الجسد بالخيمة، لكنه أوضح لنا أن الحياة الحاضرة هي حياة وقتية ثم بعد ذلك تأتى الحياة الأفضل. فكأنه يقول : لماذا تبكى وتئن أيها المحبوب، لأنك ضُربت واضطهدت وأُلقيت في السجن؟ لماذا تتوجع بسبب بعض الإساءات بينما من الواجب أن تقبل انحلال الجسد؟ أو بالأحرى تلاشى الفساد الموجود في الجسد.
وهو يبين لنا أن هذه الإساءات البسيطة هي أبعد من أن تحزننا، بل على العكس يجب أن تفرحنا، وأن الانحلال الكامل والأخير هو غاية أملنا.
ويقول: " فإننا في هذه أيضًا نئن مشتاقين لي أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء" (2كو2:5). وقبل كلامه هذا، عندما كان يتكلم عن الجسد قال : " إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي ". بيت خيمتنا أى البيوت التي نسكن فيها والمدن التي نعيش بها أى شكل الحياة الحاضرة. وهو لم يقل فقط: لأنني أعلم، ولكن " لأننا نعلم"، لأنه يشعر بوحدته مع كل المؤمنين. وكأنه يقول لا أتكلم عن الأمور المشكوك فيها ولا عن أمور مجهولة ولكن عن الأمور التي تعلمتموها وآمنتم بها، إذ آمنتم بقيامة الرب. لذلك يسمى أجساد الذين ماتوا خيمة.