-9-
بعد قرار الإدانة جلبوا المسيح إلى الجلجثة ?وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ»? (متى 33:27). هناك سببان لهذه التسمية المروِّعة، بحسب تعليم آباء الكنيسة كما جمعه القديس نيقوديموس الأثوسي. بحسب إحدى النظرات، سُمي مكان الجمجمة لأن ?جماجم الأشرار الذين قُطعَت رؤوسهم? كانت دائماً مبعثرة في المكان كونه مكان الحكم. هذه نظرة مبسّطة. بحسب الرأي آخر، ومن أصحابه القديسون باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبي الفم وثيوفيلاكتوس، فقد سُمّي مكان الجمجمة لأن جسد آدم كان مدفوناً هناك. يقول القديس أبيفانيوس أنّه عند جريان دمّ المسيح من جنبه المقدّس، انسكب كالرذاذ على بقايا الجدّ الأول. لهذا السبب نرى في أيقونة الصلب جمجمة عند قدمي الصليب، وهي جمجمة آدم. وبهذه الطريقة أيضاً نجد أن المسيح، آدم الجديد، أصلح غلطة آدم القديم وخطيئته.
هناك ثلاثة صلبان على الجلجثة، صليب المسيح في الوسط وعن اليمين واليسار صليبا اللصين اللذين صُلبا معه. صليب المسيح مخلِّص، أي أننا به نخلص، وصليب اليمين هو صليب التوبة الذي يخلِّص بعلاقته بصليب المسيح، وصليب اليسار هو صليب التجديف لأنّه رفض العلاقة مع المسيح وأدانه. لهذا، علاقة الإنسان بالمسيح تؤدّي إلى الخلاص أو الإدانة. نحن لا نخلُص فقط لأعمالنا الحسنة، ولا نُدان فقط لأعمالنا السيئة، بل لعلاقتنا الإيجابية أو السلبية مع المسيح.