1- الانتصار على الغضب:
يورد القديس حادثة جرت مع بركليس (سياسي من أثينا 495-429) عندما صار أحد الرعاع يشتمه واستمر بشتمه طوال النهار ولم يكن بركليس يجيبه أو يردّ عليه، وعندما حل المساء أضاء بركليس المصباح ورافق هذا الرجل إلى منزله ليضيء له الطريق. وكان بركليس يريد من هذا أن يتمرن دائماً على الفضيلة وأن لا يخسرها.
وثمّة حادثة أخرى جرت مع الفيلسوف اقليدس من ميغارا (435-369) إذ ثار عليه إنسان وأراد قتله وأقسم على فعل ذلك بينما أقسم اقليدس أن يخلصه ويوقف غضب هذا الرجل.
ويروي القديس قصة من حياة سقراط إذ ضربه شخص على وجهه بدون شفقة إلى درجة تورم فيها وجهه فما كان من سقراط إلا أن كتب على جبينه " فلان فعل هذا ". كان هذا فقط انتقام سقراط.
يعلّق القديس على موضوع الغضب بقوله: كم يفيدنا أن نضع هذه القصص في ذهننا عندما يأتي الغضب وهنا يرفض القديس استشهاداً من إحدى المسرحيات يقول:" يجب أن نتسلح بالغضب فقط ضد الأعداء " ويُشدِّد قائلاً:" مِنَ الأفضل ألا نعطي طريقاً للغضب على الإطلاق، ولكن إذا كان هذا الكبح صعباً فعلى الأقل علينا أن نلجُم غضبنا بالتفكير لكي لا نُطلِق له العَنان ".
إنَّ هذه القصص برأي القديس تتوافق مع نظرة الإنجيل إلى الغضب، إذ يقول الرب من ضربك على خدك الأيمن حوِّل له الآخر، ومن خاصمك ليسخّرك ميلاً فامشِ معه إثنين، ومن خاصمك ليأخذ رداءك فأعطه ثوبك، وأيضاً أحبّوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضيكم. لذلك يقول القديس عن هذه القصص" يجدر بشباب مثلكم التشبه بها ".
أخيراً إذا تدرب الشباب منذ صغرهم على سماع قصص مثل هذه فإنهم لن يرون كلام الإنجيل حول الغضب أمراً مستحيلاً، أو أقوالاً يصعب تطبيقها.