2- التعاليم الدنيوية والتعاليم الإلهية:
ما هي العلاقة بين هذين التعليمين؟
هل يمكننا الاستفادة من العلوم الدنيوية ونحن نملك الإنجيل وهو التعليم الإلهي؟
هل علينا كمسيحيين أن نقاطع العلوم والمعرفة الدنيوية؟
هذه ولا شك أسئلة تبدأ لكي تنتهي بسؤال هو: هل يتعارض العلم مع الدين؟
عندما يتكلم القديس عن أهمية الأسفار المقدسة في إرشادنا إلى الحياة الأبدية يتطرق إلى موضوع أهمية الاطلاع على الكتب والأدب الوثني. فما هو السبب ؟
إنَّ عدم نضجنا يمنع علينا فهم الأسفار المقدسة الأمر الذي يحتاج إلى تدريب، هذا التدريب نمارسه على الكتابات الوثنية. يقول القديس:" علينا أن ندرب بصيرتنا الروحية على الكتابات الدنيوية التي ليست مختلفة جملة وفيها ندرك الحقيقة إذا جاز التعبير كما في ظل أو مرآة ".
يُشبِّه القديس هذا التدريب بالتدريبات العسكرية نفسها، فالجندي الذي يتدرب على الحياة العسكرية يُتقِن الجمباز والرقص وهو في الوقت نفسه يحصل على جائزة النصر في المعركة. فإذا كان هذا حال المحارب في المعارك فكم بالأحرى يجب علينا نحن المسيحيين المدعوين إلى خوض أكبر معركة على الإطلاق أن نتدرب وان نتحضر لها لكي نكتسب القوة. علينا أن نحتمل وأن نكابد وان نتمم الكثير من الأعمال في سبيل اكتساب القوة. هنا ينصح القديسُ الشابَ المسيحيّ أن يكون ملمّاً بالشعراء والمؤرخين والخطباء، لأنّه إذا حقق إلماماً كهذا فإنه أمام أمرين لا ثالث لهما وهما: فإما أن يبدأ باكتساب المعرفة الدنيوية ومع مرور الوقت ينتقل إلى مرحلة يصرف فيها اهتماماً خاصاً بالتعاليم المقدسة الإلهية على فرض وجود صلة بين هذين النوعين من التعليم، أو أنه على فرض عدم وجود صلة بين نوعي التعليم هذين يتمكن من مقارنة الفارق بينهما ليصبح قادراً على تقوية احترامه وتقديره للتعليم الأفضل وهو التعليم المقدس.
يقول:" إنَّ كان ثمة صلة بين هذين الأدبين فمعرفتنا لهما تكون نافعة لنا في بحثنا عن الحقيقة، وإذا لم يكن ذلك فالمقارنة بالتشديد على الفوارق سوف لن تكون خدمة صغيرة في تقوية إجلالنا للأدب الأفضل ".