الفصل الرابع عشر
قبر على الجبال
“لأعرفه، وقوة قيامته، وشكرة آلامه، متشبها بموته "
فى 10:3
فجأة وجدن انفسهن عند حافة هوة عميقة، تقطع عليهن الطريق لمواصلة الرحلة .. ! كان الضباب كثيفا، لدرجة انهم لم يستطعن ان يتأكدن من عمق الهوة، ولا حتى الحافة المقابلة لهن، وبدت الهوة وكأنها قبر لا حد له، يفتح فاه ليبتلعهن.
خوافة: ماذا سنفعل الان؟ هل نقفز للناحية الاخرى؟
اشجان والام:
لا ... ان هذا مستحيلا، يجب ان نقفز فى الهوة.
خوافة : لم اكن ادرك هذا ..
ولكن هذه هى الخطوة الصحيحة فعلا.
ومدت يديها لرفيقتها لتساعداها على القفز، ولكنهما عندما تحققتا من ضعفها الشديد، وارهاقها الواضح، حملاها فيما بينهما ثم قفزا بها فى الهوة ... !! ونظرا لقوة اشجان والام فقد تمكنتا من القفز والهبوط دون ان يسبب ذلك اى ألم لخوافة !!
عندما نظرن حولهن، لم يستطعن ان يرين شيئا بوضوح سوى مذبح حجرى وبجانبه وقف شخص غير واضح الهيئة.
خوافة: هذا هو المكان المعين لتقديم الذبيحة.
ثم ركعت عند المذبح وقالت: سيدى هل تساعدنى الان لاقدم الذبيحة التى امرتنى بها؟
ولاول مرة لم تكن هناك اى اجابة، وتذكرت ما قاله مرارة ذات يوم : فى يوم ما سيضعك على صليب ويتركك تعانى وحدك .
يبدو ان مرارة كان على حق ، ولكنها لم تعد تهتم بأى شئ سوى ان تتمم مشيئة من تحب مهما كان الثمن !! وهكذا ظلت راكعة ومنتظرة .. كانت تعلم انه لن ينادى عليها ملاك ليأمرها بعدم تقديم الذبيحة، ولكن هذا لم يخفها اذ كانت قد ثبتت وجهها لتنفيذ ارادة من تحب.
وبعدما انتظرت فترة ولم يحضر رئيس الرعاة حاولت انت تنزع ذاتها ولكن عند اللمسة الاولى شعرت وكأن ألما حاداً يسرى فى جسدها ، وادركت انها لن تقدر على تقديم الذبيحة بنفسها .
وهنا تحرك الشخص الواقف وراء المذبح وقال : " اذا اردت فسأساعدك "
خوافة : ... من فضلك ساعدنى .. ولكنى جبانة جدا وربما يؤدى الالم الذى سأشعر به الى مقاومتك، فأرجو ان تقيدنى على المذبح حتى لا اوجد مقاومة لمشيئة سيدى وهى تتمم فى هدوء.
ساد الصمت برهة واجابها : حسنا قلت .. سأربطك .
واخذ ذراعيها، وفتحهما، ثم ربطهما، وقيد رجليها فوق بعض. وعندما انتهى نظرت خوافة الى اعلى نحو المرتفعات التى لا تراها وقالت : " ها انا يا سيدى فى المكان الذى ارسلتنى اليه افعل ما امرتنى به .. حيثما مت اموت وهناك ادفن "
ساد المكان صمت رهيب .. صمت القبور .. لان خوافة فعلا كانت فى قبر امالها .. لم تأخذ شيئا من الوعد .. ولم تصل الى المرتفعات ولكنها رددت الوعد الذى بسببه قامت بهذه الرحلة " الرب السيد قوتى، ويجعل قدمى كالايل، ويمشينى على مرتفعات" را 17:1
عند ها مد الكاهن يده، وانتزع الحب من قلبها، واخرجه بكل جذوره، ثم طرحه على المذبح، وجاءت نار والتهمته ولم يتبق منه شئ سوى رماد .. ! تملك سلام عميق على قلب خوافة، وعندما كان الكاهن يفك قيودها، حانت منها التفاته، ورأت والدة رئيس الرعاة الحنونة، تلك التى كانت تطلب منها فى الغروب كل يوم من ايام عمرها لتكون بجانبها فى هذه الساعة، وعندما رأتها خوافة ابتسمت وامللت رأسها وراحت فى نوم عميق