عرض مشاركة واحدة
قديم 20 - 07 - 2014, 11:25 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رحلة الى المرتفعات

الفصل الرابع
بداية الرحلة
“إن اراد احد ان يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " مت 24:16
كان صباح يوم جميل، ولاح الوادى وكأنه يستيقظ من النوم، والطيور تنتقل بين الاغصان مغردة، والندى على الزهور يضوى كالماس فوق المساحات الشاسعة من الالوان المختلفة. وفى بعض الاحيان كان رئيس الرعاة وخوافة يدوسان فوق الزهور اثناء سيرهم.
واذ برئيس الرعاة ينحنى ويمسك بزهرة قائلاً : " لخوافة" بابتسامة :
"تواضعى، وستجدين ان الحب سيكون كبساط من الزهور تحت رجليك"
فنظرت اليه بتساؤل : " لقد فكرت مراراً كثيرة فى الزهور البرية .. انه لمن العجب ان تكون كل هذه الزهور فى هذا المكان القفر .. !!
فى مكان لا يشاهدها فيه احد، ليتمتع بجمالها. كما انها مرضة ان تدوسها ارجل قطعان الماشية فى طريقها الى المراعى"
اجاب : " لا شئ يفعله ابى وانا ويكون للخسارة ابدا ..
هذه الزهور الصغيرة تعلم درسا جميلا ..
انها تبذل ذاتها برضا وثقة، حتى ولو لم يقدر احد جمالها، وكأنها تقول:
(السعادة هى ان نحب حتى وان لم يرد لنا الحب) .. اقول لك شيئاً ..
قليلون يفهمونه .. ان اجمل صفات النفس البشرية، اعظم انتصاراتها،
اكبر انجازاتها لا يعرف احد عنها شئ.
كل رد فعل للحب وكل بذل ذات هو زهرة جديدة فى غرس الحب.
كم من حياة عادية وهادئة ..
حياة مختفية وغير معروفة للعالم كانت حديقة يانعة يلذ للملك نفسه ان يتنزه فيها ويفرح مع اصدقائه بها.
بالطبع يوجد كثير من خدامى كانت انتصاراتهم واضحة للكل،
وكانت الناس تقدرهم وتبجلهم، ولكن حتى هؤلاء كانت لهم انتصارات وامجاد داخلية لا يعلم احد عنها شيئا.
تعلمى هذا الدرس الان يا خوافة فسوف يعزيك اثناء رحلتك.
هيا الان لنشارك الان الطيور تغريدها وننشد سويا ..
انا نرجس شارون سوسنة الاودية.
كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتى بين البنات، كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبى بين البنين. تحت ظله اشتهيت ان اجلس،
وثمرته حلوة لحلقى" نش 1:2-3
وعندما انتهيا قالت خوافة :
"لم اكن اعرف ان سفح الجبال مكان جميل هكذا"
اجاب :
"كلما نما فيك زرع الحب ستفهمين اشياء كثيرة، وتدركين ما لم تفهميه ..
ستتعلمين ان تتكلمى بلغة الحب، ولكن يجب اولا ان تتعلمى الف باء الحب ..
وهذا سيكون اثناء رحلتك ، والان هيا بنا فرفيقتاك تنتظرانك"
خوافة : " لماذا لا تأخذنى انت الى المرتفعات ؟!!
معك اشعر بالقوة وانا واثقة انه لا احد غيرك يستطيع ان يأخذنى الى هناك "
اجابها بعطف : " يا خوافة من الممكن ان افعل ما تطلبينه،
ومن الممكن ان احملك الى المرتفعات، لكن ان فعلت هذا فلن يكون لك ارجل الآيل .. اصعدى هذه المرة فقط..
ستكون صعبة وشاقة، ولكن فى النهاية سيكون لك ارجل الايل
حينئذ تستطيعين ان تكونى معى وتتبعيننى دائما ..
بالمناسبة يجب ان احذرك بأن اعداءك يمكنهم الصعود على الجبل لمسافة محدودة،
ولا شك انك ستقابلينهم ،
لذلك اخترت لك رفيقتين قويتين لمساعدتك،
وانا سأكون معك وان لم ترينى وسألبى نداءك فى اى وقت تحتاجين الى فيه ..
فقط نادى اسمى ..
ولك وعدى الامين انه فى نهاية الرحلة ستكون لك ارجل الايل وتتبعيننى اينما ذهبت .. لا تخافى لانى انا معك
خوافة : "انا اثق بك يا راعى"
رئيس الرعاة : "ان الثقة هى فضيلتك يا خوافة"
بعد مدة قصيرة وصلا الى بداية الطريق،
عند سفح الجبل ولاحظت خوافة وجود سيدتين مقنعتين جالستين على احدى الصخور، وعندما رأوهما تقدمتا وانحنتا امام رئيس الرعاة فى صمت.
رئيس الرعاة :
"هاتان رفيقتاك يا خوافة، وسوف تصحبانك حتى نهاية رحلتك"
نظرت اليهما خوافة .. حقيقة كان شكلهما يبدو عليه القوة ..
ولكن لماذا تغطيان وجهيهما: "من هما ؟!!
" همست خوافة لرئيس الرعاة " ما اسميهما ؟ ولماذا لا تتكلمان ؟؟"
رئيس الرعاة : " انهما تتكلمان لغة لا تعرفينها ،
ولكن رويدا رويدا ستفهمينها كلما صعدت معهما،
اما عن اسميهما فهو "اشجان والام"
كادت خوافة ان تقع من طولها غير انها امسكت برئيس الرعاة واخذت تصرخ :
"لا اقدر ان اذهب معهما ..!!
لماذا يا سيدى تفعل هذا بى ؟ كيف اسافر فى صحبة "اشجان والام" ؟!!
لماذا لا تعطنى "فرح" و "سلام" يسندانى ويساعدانى فى هذا الطريق الصعب ؟!
كيف تفعل هذا بى ؟! ارجوك اشفق على !!
لم اكن اتخيل انك تريد هذا لى.
ثم انفجرت فى بكاء شديد
نظر اليها الراعى الحنون بحزن، ولكنه قال برقة :
"فرحة وسلام ؟!! " هل هما اللتان تطلبينهما لنفسك ؟!
ألم تعدينى ان تقبلى الرفيقتين اللتين اخترتهما لك ؟ الا تثقى بى ؟!
خوافة .. هل تذهبى مع "اشجان" و "آلام" ام تعودى الى قرية الاضطراب لتعيشى مع "عائلة الخوف" ؟
كان الاختيار صعب ..كانت تعرف الخوف جيدا،
اما الاشجان والالام فيبدو لها انهما افظع واقسى.
لكنها نظرت الى رئيس الرعاة وادركت فى نفسها انها تثق به، ولا تقدر ان تتركه ورغم كل ضعفها وخوفها فانها تحبه،
ولا تقدر ان ترفض له طلب ابدا. فقالت:
"سيدى لمن اذهب وحياتى هى معك .. من لى فى الارض سواك .. ساعدنى لاتبعك .. ساعدنى لاثق بك"
وحالما سمع رئيس الرعاة هذا الكلام من خوافة ابتسم ابتسامة مملوءة بالانتصار والفرحة وقال : "كلك جميل يا حبيبتى ليس فيك عيب (نش 7:4) .. لا تخافى .. اذهبى مع اشجان والام .
وان لم تقدرى على ان تقبليهما الان، فعلى الاقل اذهبى معهما .
وعندما تصلن الى مناطق شديدة الوعورة والانحدار وامسكى ايديهما، وسوف يساعدانك ويقودانك الى حيث اريد انا "
تقدمت خوافة بشجاعة لم تعهدها فى نفسها من قبل ، ثم قالت لاشجان والام : "تفضلا امامى وانا سأتبعكم" . قالت هذا لانها لم ترد ان تضع يدها فى ايديهما .
ابتسم رئيس الرعاة وقال : " سلامى اترك لك "
وقبل ان تدرك خوافة ما يحدث كان رئيس الرعاة قد ذهب من امامهم ، متقدما وصاعدا الى المرتفعات، وفى لحظات اختفى .
وهكذا بدأت خوافة الرحلة وهى تعرج فى طريقها الى المرتفعات متجاهلة رفيقتيها وكأنها لا تراهما .
  رد مع اقتباس