كان القديس اغريغوريوس قد ترك القسطنطينية قبل انتخاب "نكتير"، واختار نزنيز مقرًا له. ومنه ألف "قصيدة حياته" ‘Le poeme de sa Vie’ وفيها كان يؤكد بالأخص سلوكه في القسطنطينية. وكان هدفه من ذلك هدم الافتراءات المختلفة التي كانوا ينشرونها ضده. ولقد عمل بكل قواه لكي يدبر أسقفا لمدينة نزنيز، ولكنه لم يستطع أن ينجح بسبب معارضة جزء من الإكليروس.
واضطرته حالته الصحية السيئة إلى أن ينسحب بعد قليل إلى "أرينز" Arianze. والمعتقد أن ذلك كان قبل نهاية عام 381. لم يكن نادما على شيء في انفراده إلا على غياب أصدقائه. ومع أنه كان حريصا جدا في مقالاته، إلا أنه كان يأخذ على نفه بأنه لم يسهر بما فيه الكفاية على ضبط لسانه. وحتى يعاقب نفسه على كل الكلمات الغير نافعة التي نطق بها. صمت صمتا مطلقا طوال الأربعين المقدسة سنة 382.
نصائح القديس: وبالرغم من عيشته المنعزلة، لم يكن يرفض الاتصال بالأشخاص الذين يحتاجون إلى الاستنارة. كان يعطى نصائح ممتازة لكل الذين يستشريونه. وليس أحكم من قواعد السلوك التي وضعها بالنسبة للنساء المتزوجات في مؤلفه الموجه إلى القديسة "أولمبياد" Olympiade. ويقول ضمن أقوال أخرى:
"أولا أكرمي الله، ثم احترمي زوجك كنبراس لحياتك، لأنه عليه أن يدبر أعمالك وكل سلوكك. لا تحبى سواه، ليكن سرورك. وتعزيتك بحيث لا تعطيه أبدا مجالا لأن يغضب منك. تنازلي له عندما يكون في حالة غضب، ساعديه وعزيه في أحزانه وضيقاته كلميه بوداعة كثيرة وبلطف، كونى متواضعة في عتابك له، واتخذي لذلك وقتا مناسبا. أفعلي مثل الذين يريدون أن يروضوا الأسود، بدلا من أن يستخدموا العنف إزاءها، فإنهم يمدحونها ويلاطفونها. اشفقى على ضعفات زوجك ولا تلوميه أبدا بمرارة، فإنه غير مسموح لك أن تفعلي ذلك نحو ذلك الذي يلزمك أن تفضليه على كل ما في العالم..
ويتمنى القديس أن تصير "أولمبياد" أما لأولاد كثيرين وذلك لكي تكون هناك أرواحا أكثر يسبحون الرب يسوع المسيح. وكانت إحدى القواعد التي يعلمها باهتمام أنه يلزم أن نبدأ وننهى كل عمل بأن نقدم لله صلاة قصيرة، نقدم القلب وكل ما نعمله. أننا مدينون لله بكل ما نحن عليه وبكل ما نملك. أنه تعالى يقبل أصغر أعمالنا ويكافئنا عليها عندما يكون هو تعالى مبدأها، أنه ينظر حينئذ، ليس إلى القليل الذي نصنعه، ولكن إلى المشاعر التي تحركنا. أنه لا يرفض القلب الذي يعطى في حالة الفقر، ما يملك وما يستطيع أن يعطيه، معترفا بفضل الرب وسلطانه عليه.