وحرك النجاح العجيب لأعمال القديس اغريغوريوس حسد إبليس وجنوده. وكان من هؤلاء الأخيرين رجل مسيحي زائف يشتغل بالفلسفة، هو "مكسيم" Maxime الشهير المولود بمدينة الإسكندرية. هذا الماكر المملوء من عدم الحياء والكبرياء الذي تمتاز به شيعته، ذهب إلى القسطنطينية حيث استطاع أن يخفى بريائه الاستعلاء الذي كان يأكل صدره، ورزائله الأخرى أيضا. واقنع أولا بعض الأشخاص ووقع القديس اغريغوريوس في شراكه فمدحه في سنة 379.
ربح هذا الذئب المتنكر في شكل حمل علمانيين كثيرين وكاهنًا شريرًا، وبعد ذلك جعلهم يرسمونه سرا أسقفا على القسطنطينية. ووضع عيه الأيادي بعض الأساقفة المصريين الذين كانوا قد حضروا منذ وقت قصير لهذا الغرض. وأثارت رسامته غير القانونية كل العالم. وكتب البابا "داماز" Damase خطابا يعرب فيه عن الألم الذي تسببه له مثل هذه الجريمة، ويعلن أن اختيار مكسيم يلزم أن يعتبر لاغيا.
وأظهر الامبراطور تيودوسيوس الكبير أيضا اشمئزازه ضد الدخيل، وكان الإمبراطور في ذلك الحين في تسالونيكي. ولما حضر إلى القسطنطينية، عرض على "ديموفيل" Demophile وهو أسقف أريوسي، إما أن يقبل تعليم مجمع نيقية، وإما أن يخرج من المدينة. فقرر أن يخرج من المدينة. ولما رأى الإمبراطور ثيودوسيوس القديس اغريغوريوس، أظهر له آيات تقديره ومحبته، وقال له معانقا أن المؤمنين القويمين يطلبونك أسقفا عليهم، وأؤكد لك أن اختيارهم يتفق جدا مع رغباتي. وبعد وصوله ببضعة أيام، رفع الكنائس من الأريوسيين، وسلم للقديس اغريغوريوس كنيسة القديسة صوفيا التي كانت تتبعها الكنائس الأخرى.