وكان هناك أمر واحد يحزن القديس: وهو التصفيق الذي يصاحب سماع مقالاته، فكان يخشى أن ينال سم المجد الباطل من قلبه، وجعلته هذه الخشية لا يتكلم جهرا إلا بشيء من الاستيحاء والحرج. وما كان أحد يأخذ عليه مطلقا مدحه للعظماء. فهدف مقالاته الوحيد هو شرح الإيمان القويم وتنبيته، وإصلاح ما فسد من الأخلاق. كان يقاوم بشدة عادة النزاع حول المسائل الدينية، وكانت منتشرة جدا في ذلك الوقت في القسطنطينية. وبحسب رأيه، أن طريق الخلاص مغلق أمام كل الذين يتملكهم روح النزاع. ولا يمكن للمرء أن يذهب إلى السماء بغير حفظ وصايا الرب. فيلزم لذلك الحرص على أداء الصدقة، وممارسة الضيافة، وزيارة المرضى وخدمتهم، وأن نصلى ونئن على خطايانا، ونخضع حواسنا، ونضبط ثورات الغضب، ونصون على الدوام لساننا، ونقمع شهوة الجسد.
واجتذبت فضائل القديس اغريغوريوس ومواهبه عددا كبيرا من الناس حوله. فترك القديس (جيروم) إيرونيموس St. Jerome صحارى سوريا لكي يحضر إلى القسطنطينية، واصطف ضمن تلاميذ القديس، ودرس الكتاب المقدس تحت إشرافه، وكان يفخر بأنه يتتلمذ على يد مثل ذلك المعلم، كما نرى ذلك في كتاباته.