يوحنا الضابط اللامع يتوحد
كان لمدينة الرها القديمة الغنية، ككل مراكز الحضر، جيش معظم رجاله منها. وكان علي رأسهم ضابط لامع مجرب ذو إيمان، كما كان شجاعًا. ومنذ زمن بعيد كان يحلم باستبدال بدلته الرسمية بملابس المتوحدين، فقد بدت له الرغبة في شن الحرب علي الشيطان عدو المسيح، لها مجد متضاعف أعظم من المجد في خوض المعارك ضد الأعداء. فأقدم بشجاعة ووضع خطته موضع التنفيذ، واستقال حسب القانون، وبعد أن شطب اسمه وأصبحت له الحرية الكاملة في التنقل، سافر إلي أورشليم حيث زار الأماكن المقدسة، ثم مضي إلي الصحراء لكي يقابل زميله وكانت شهرته قد أثرت فيه من الناحية الروحية تأثيرًا شديدًا وعجلت باتخاذه قراره.
وتوثقت عُرى الصداقة بينهما وأصبح يعادله في القداسة كما كان قبلا يعادله في القداسة المركز. وحذا حذوه وشهد لفضائله ومعجزاته، فكن أباكير نموذجًا يقتدي به القديس يوحنا في حياته، ويتمثل بكل صفاته العجيبة حتى يصبح هو نفسه أن أمكن ذلك أباكيرًا ثانيًا.