4-ظلت المدينة تُعمَّر وتُخرَّب عدة مرات خلال حكم اليونان والرومان والمسلمين والصليبيين، فيقول أحد المؤرخين " بعد أخذ بتولمايس وإخرابها، أرسل السلطان أحد الأمراء على فرقة من جيشه لأخذ صور، فملأ الرعب قلوب أهلها ففتحوا الأبواب بدون مقاومة، فذبح الأمير بعض سكانها وبيع الآخرون عبيدًا، وهدمت المعابد والأسواق، وأُبيد كل شيء بالسيف أو بالحريق (برهان يتطلب قرار ص 320) وعاد المسلمون للمدينة سنة 1291 فخرَّبوها تمامًا فتحققت فيها نبؤة حزقيال بالخراب الأبدي " وأُصيّرك كضخ الصخر فتكونين مبسطًا للشباك لا تُبنين بعد لأني أنا الرب تكلمت يقول السيد الرب" (حز26:14) ووضعت الكاتبة نينا جدجيان مدينة صور حديثًا فقالت " هناك سفن صغيرة للصيد، ولكن فحص الأساس يظهر أعمدة جرانيتية من العصر الروماني استعملها الصليبيون لتدعيم الأسوار، وصار البناء اليوم ملجأ لسفن الصيد الصغيرة، ومكانًا لتجفيف الشباك وهناك مدينة اليوم اسمها صور، لكنها ليست صور القديمة، لأنها مبنية على موقع آخر غير صور القديمة. أن صور سيدة البحار ومركز العالم التجاري لعدة قرون قد انتهت إلى غير رجعة!.. فان صور القديمة العظيمة قد سقطت تحت الركام، ولا يوجد منها فوق سطح الأرض سوى بعض الأعمدة المتناثرة وأنقاض برج الكاتدرائية المسيحية، وعندما يتطلع الواحد منا تحت الماء يرى أعمدة الجرانيت الضخمة والأحجار المُلقاة في قاع البحر، وحطام صور فوق الماء قليل.(38) وعندما " زار الدكتور الكساندر كيت تلك المواضع لم يجد محلًا ينصب فيه خيمته، ووجد أن ذلك السدد (الطريق الذي صنعه الاسكندر)، صار متحجرًا مثل الصخر، ورأى الصيادين في الوقت ذاته باسطين شباكهم عليه فأخذ صورتهم، بالآلة المصوّرة، ونشرها في مقالاته المستوفية عن النبوات". (39) والأمر المدهش أن الينابيع التي كانت تروى صور قديمًا ما زالت موجودة للآن تصب مياهها في البحر بمقدار عشرة ملايين جالون في اليوم، وهى كمية تكفى لقيام مدينة كبيرة، ومع هذا فان صور ستظل خرابًا إلى الأبد " لا تبنين بعد" (حز 26: 14).