والأمر العجيب أن رجال بابل خشوا الخروج من المدينة لفك الحصار تمامًا كما تنبأ أرميا النبي قائلًا " كفَّ جبابرة بابل عن الحرب وجلسوا في الحصون. نضبت شجاعتهم صاروا نساء" (ار 51: 30) ويذكر زينوفون المؤرخ أن كورش دعا ملك بابل للمبارزة الفردية فأبى ملك بابل (النبؤات والآثار ج2 ص 62) وشجعهم على عدم الخروج من المدينة توفر المياه بها، والأرض الزراعية التي بداخلها، وسعة خزائنها، ولم تعلم أن آخرتها جاءت أمام الرب كما أخبر بذلك أرميا النبي " أيتها الساكنة على مياه كثيرة الوافرة الخزائن قد أتت آخرتك" (ار 51: 13).
5-كيف أقتحم كورش مدينة بابل؟ لقد هرب من مدينة بابل رجلان وانضما إلى جيش فارس، فاستعان بهما كورش ووضع خطة لاقتحام المدينة، فطلب كورش من جنوده حفر خندقًا ضخمًا جدًا، وفي الليلة السابقة من تشرين الأول سنة 539 ق.م. تم تحويل مجرى نهر الفرات وتحقَّقت نبؤة ارميا النبي " هكذا قال الرب.. أُنشّف بحرها وأُجفّف ينبوعها" (ار 51: 36) واقتحمت قوات فارس المدينة عبر مجرى النهر الأصلي.
6-كيف تم الهجوم على المدينة الحصينة..؟ في ليلة كان البابليون يقيمون حفلًا لآلهتهم يرقصون ويسكرون ويضحكون على أعدائهم الواقفين عاجزين خارج الأسوار الحصينة دون أن ينتبهوا إلى كورش الذي حوَّل مجرى النهر ويسرع بجيشه الجرار إلى داخل المدينة، وفوجئ أهل بابل بجنود كورش داخل المدينة وداخل البهو الملكي بحسبما صوَّر ارميا النبي من قبل " قد حلف رب الجنود بنفسه أنى لأملأنَّك أناسًا كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة" (ار 51: 14) ويقول أشعياء على لسان بابل " امتلأت حقواي وجعًا وأخذني مخاض كمخاض الوالدة. تلَّويت حتى لا أسمع. اندهشت حتى لا أنظر. تاه قلبي بغتني رعب؟ (اش21: 3-4) ويقول هيرودوت بعد أن حفر كورش خندقًا عظيمًا " وإذ أنجز هذا العمل الهندسي العظيم في ليلة كان البابليون غارقين في سكرهم وبطرهم وأفراحهم وَهمًا منهم أن مدينتهم أمنع من عقاب الجو "(35)