2- هل كانت حروب يشوع بقصد نشر العقيدة اليهودية؟.. قال " دكتور أحمد حجازي السقا " أن بني إسرائيل نظموا الجيوش وأرسلوها لفتح البلاد ونشر الدعوى، وكان أمير الجيش يعرض على أهل البلاد دين موسى، ويطلب منهم أن يُسلّموا، فإن أبو ورفضوا قاتلهم(41).. لم تكن حروب يشوع بقصد نشر العقيدة اليهودية.. كلاَّ، فلم يحارب يشوع تلك الشعوب بقصد نشر الدين اليهودي قط. إنما كان مُكلَّف بتنفيذ الحكم الإلهي على تلك الشعوب التي وصلت شرورها إلى أقصى مداها، فحمل سيف العدل الإلهي. أما الغزوات الإسلامية فكان هدفها الأول أن تؤمن هذه القبائل بالإسلام، ولو حتى بالسيف، ولو بدون إقتناع، وكل من نطق الشهادتين فقد عصم نفسه من الموت وممتلكاته من الإغتصاب.
وهذه نقطة خلاف جوهرية بين حروب يشوع وغيرها، وعلينا أن ندرك جيدًا أن يشوع كان مجرد أداة لتنفيذ المشيئة الإلهيَّة، ولذلك فمن يريد أن يعترض فليعترض على الله العادل الذي كلَّف يشوع بتنفيذ الحكم.
ويقول " الخوري بولس الفغالي": "الحرب المقدَّسة في سفري يشوع والقضاة ليست حربًا دينيًا، هدفها أن تفرض بالسلاح الإيمان بالرب. نحن أمام حرب تسعى إلى المحافظة على وجود شعب وامتلاك أرض. والحرب ككل واقع الحياة في ذلك الزمان، ذا طابع مقدَّس وهي تتبع شعائر دينية محدَّدة. الله هو الذي يحارب عن شعبه (يش 10: 14، 42) ويمشي في مقدمة الجيش (قض 4: 14) والعلامة المنظورة لحضوره هو تابوت العهد.. أما المقاتلون فهم متطوعون يُؤخذون من بين القادرين على حمل السلاح. فعليهم قبل كل شيء أن يؤمنوا بتدخل الرب، عليهم أن لا يخافوا (يش 8: 1) قال الرب ليشوع لا تخف ولا تفزع (يش 10: 8) وأخيرًا، يُجند الرب لهذه الحروب قوى الطبيعة (البرَد في يش 10: 11، والبحر في يش 24: 8، والكواكب في قض 5: 20 - 21) ويجعل البلبلة في صفوف الأعداء (قض 7: 22، 1 صم 7: 10، 14: 15 - 20).. ولكن سيأتي وقت نعرف فيه أن الحرب الحقيقية ليست حرب السلاح، بل الحرب على الشر في قلوبنا وفي مجتمعنا. وسيعرف العبرانيون أيضًا أن الله ليس إلههم وحدهم، بل هو إله الكون، الذي سيرسل أنبياءه حتى إلى العالم الوثني، كما فعل يونان"(42).