لقد كان قلب الإنسان غليظًا يعيش بروح العبودية فكان يلزمه التأديب الصارم، أما نحن الآن في عصر النعمة، وقد إستنار ذهن الإنسان بمعرفة الروح القدس، وأيقن أن نهاية الشر هي الهلاك والدمار والموت الأبدي، ولك يا صديقي أن تتأمل وتقارن بين نزول الله على جبل سيناء في العهد القديم وكيف كان الجبل يدخن ويضطرم بالنار وصوت بوق شديد.. إلخ وبين تجسد الله كطفل وديع بسيط في مزود في العهد الجديد.
ويقول " زينون كوسيدوفسكي " الذي طالما إنتقد الكتاب المقدَّس " يجب أن نتنبه هنا إلى أنه لا يمكن تقديم الحوادث التوراتية من منطلق المفاهيم الأخلاقية الحالية، فالحقبة التي يدور الحديث عنها كانت حقبة بربرية، والعادة الحربية التي أنتشرت آنذاك سمحت بقتل الأسرى وسكان القلاع المحتلة وتشويه أو قتل الملوك، وبأتباع أساليب المكر والخداع والخيانة. من هذا المنطق كان الإسرائيليون أبناء بررة أوفياء لحقبتهم الزمنية، ولم يختلفوا عن بقية شعوب العالم القديم، فقد عرف الحروب الشاملة كل من البابليين والمصريين والأشوريين والأغريق كما يتضح من هوميروس"(36).