11- لم يكن الهدف من حروب يشوع هو قتل كل إنسان غير يهودي، ولذلك جاء الحكم خاص بشعوب كنعان فقط، وحتى لا يكونوا مصدر عدوى لشعب الله، فالجسد المسرطن يحتاج إلى تدخل جراحي عميق، ولذلك أوصاهم الله " هكذا تفعلون بهم تهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم وتحرقون تماثيلهم بالنار. لأنك أنت شعب مقدَّس للرب إلهك. إياك قد إختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخصَّ من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" (تث 7: 5، 6) ويقول " المطران يوسف الدبس": "وقد أباحهم الله هذا القتل والتدمير ليشتد رعبهم على سكان الأرض التي جعلها لهم ميراثًا فيتيسر لهم امتلاكها عنوة كما فعلوا. وقد أشار الكتاب إلى ذلك بقوله (يش 6: 27) {وكان الرب مع يشوع وذاع خبره في كل الأرض} ففر كثير من الكنعانيين من وجه بأسه"(32).
والأمر العجيب أنه بعد أن صدر الأمر الإلهي بالقضاء على شعوب كنعان، وضرب يشوع ضربته الأولى والمؤثرة، والتي كان يجب أن يتبعها امتلاك الأسباط للأرض، كلٍ فيما يخصه، فإن الأسباط تقاعست وتركت هذه الشعوب، وتخالطت معها، وعبدت آلهتها، ولذلك قال لهم الرب " فأنا أيضًا لا أعود أطرد إنسانًا من أمامهم من الأمم الذين تركهم يشوع عند موته.. فترك الرب أولئك الأمم ولم يطردهم سريعًا ولم يدفعهم بيد يشوع" (قض 2: 21، 23).. " فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزييين والحويين واليبوسيين. وأتخذوا بناتهم لأنفسهم نساءً وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم" (قض 3: 5، 6) فواضح أن الحكم بالقضاء على هذه الشعوب لم يتحقق إلاَّ جزئيًا، ومن قُتل من هذه الشعوب هو نسبة بسيطة من إجمالي السكان.