ويقول " ف. ب. ماير": "لنذكر بأن الإسرائيلين كانوا منفذي العدل الإلهي أُرسلوا لينفذوا الحكم الذي تستحقه رجاسات كنعان، هنالك كرسي لدينونة الأمم كما لدينونة الأفراد. هذا الكرسي ينتصب في هذه الحياة، وعلى وجه هذه الأرض، وهذه الدينونة تقوم والديان القدير يحرص على أن أحكامه ينبغي أن تُنفذ. وله وكلاء كثيرون جيوش الفرس لتنفيذ حكمه على بابل، الوندال التوتوتيون على روما، القوقاز الروسيون على نابليون، كما كان إسرائيل منفذي الحكم على الأموريين الذين كان أثمهم قد كمل وقتئذاك، ويهدد بأن ينفث سموم عدواه في كل العالم"(28).
وللأسف الشديد فإن الشعب القاسي الرقبة لم يتعلم الدرس، فتعرَّض للعقوبات الشديدة، فمثلًا عقب عبادة العجل الذهبي قُتل منهم ثلاثة آلاف رجل (خر 32: 27، 28)، وعندما قدم ناداب وأبيهو ابني هارون نار غريبة خرجت نار وأكلتهما (لا 10: 1، 2) وقورح وداثان وأبيرام الطامعون في الكهنوت خرجت نار الرب وأحرقت بعضهم، وخسفت الأرض بالباقين (عد 26: 32، 33)، وعندما زنى الشعب مع بنات موآب فتق الوباء بأربعة وعشرين ألفًا منهم (عد 27: 9)، وكاد الله أكثر من مرة أن يفني الشعب كله في صحراء سيناء بسبب كثرة شروره (خر 32: 9، 10، عد 14: 11، 12، 26 - 29، 16: 20، 41 - 45)، وحكم الله بالموت على جميع الرجال الخارجين من أرض مصر الذين يزيد عمرهم عن عشرين عامًا (باستثناء يشوع وكالب بسبب تذمرهم (عد 32: 13) وحكم الله على أية مدينة إسرائيلية تعبد آلهة أخرى " ضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف. وتحرَّمها بكل ما فيها مع بهائهما بحد السيف.. وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة.. لا تُبنى بعد" (تث 13: 15، 16) وسفر القضاه خير شاهد على تأديبات الله لشعبه، وأخيرًا سلبت الأرض منهم وهدمت ديارهم وأُغتصبت ممتلكاتهم وعمل فيهم سيف التنكيل وسيقوا إلى أرض السبي (2 مل 17: 5 - 23، 2 مل 25).