عجبًا.. ما بال النُقَّاد يصرفون الكاميرات عن مسرح الجريمة ويركزونها على لحظات القصاص؟!
ما بالهم يصرفون الأنظار عن الظلم والقسوة، الشر والفساد، الانحطاط الخُلقي، الاتصال بالأرواح الشريرة، عبادات الأصنام والأوثان وخلف كل وثن شيطان، تقديم الأطفال ذبائح للأصنام، تلك الظلمة التي صنعها الإنسان فلفَّته وطوته وغشَت حياته.. يصرفون الأنظار عن كل هذا ويركزونها على لحظات القصاص ووفاء العدل الإلهي؟!
تصوَّروا يا أصدقائي مجموعة من الأشقياء المتشردين المجرمين هجموا على بيوت المسالمين، فأصابوا من أصابوا، وأغتصبوا من أغتصبوا، وذبحوا من ذبحوا، وأحرقوا ما أحرقوا، وعندما عُلقوا على المشانق جاء من يلطم الخدود ويزرف الدموع السخينة، ويتهم القضاء بالقسوة وعدم الرحمة، وهل كان في قلوب هؤلاء المجرمين رحمة ..؟! إن هؤلاء النُقَّاد يركزون الكاميرات والمشاعر والأحاسيس على لحظات الإعدام، ويغضون الأبصار عن مسرح الجريمة تمامًا.. تُرى هل هؤلاء النُقَّاد على حق، أم يجب أن نحذرهم ولا نُسوّق لبضائعهم الفاسدة؟.. إننا نتمسك بالعهد القديم ونحب إله العهد القديم لأنه هو الله العادل الرحيم، ولن نرفض يشوع رجل الله الذي كان رمزًا ليسوع حتى في إسمه.
3- وصلت شعوب كنعان إلى مرحلة اللاعودة، ولم يكن هناك أي رجاء لتوبة هذه الشعوب، ولو كان لديها أدنى استعداد للتوبة لأرسل الله إليها يونانًا (أي يونان) لينقذها من الهلاك والدمار، ولو في إحدى هذه المدن عشرة أبرار لنجت من الهلاك والدمار.. أه لو كان لأريحا قلب راحاب ما كانت أحترقت بالكامل، إنما وصلت هذه الشعوب إلى مرحلة اللاعودة، وأستنفذت المراحم الإلهيَّة، وكان لابد أن يجوز فيها سيف العدل الإلهي وتُحرَّم، وإن كانت نغمة التحريم (الإبادة الشاملة) ذات وقع ثقيل على الأذن المسيحية التي تعودت على الصفح والمغفرة (مت 5: 43 - 48)، لكننا لا نستطيع قط أن نبطل القانون الخالد أن ما يزرعه الإنسان لابد أن يحصده.
ويقول " ف. ب. ماير": "هنالك عدة أسباب تبين لماذا كان يجب أن يطرد الله الشعوب السبعة التي سكنت كنعان. وأهم هذه الأسباب ذلك الذي نتبينه من الحديث الرائع الذي دار بين الرب وإبراهيم، أب الجنس المختار، قبل ذلك بأربعة أجيال، ألاَّ وهو أن ذنب الأموريين الآن قد كمل (تك 15: 16).