6- الله القدوس يرفض رفضًا باتًا الخطية بجميع صورها، وبكل ما يتعلق ويرتبط بها، ولذلك أتخذ موقفًا حادًا أمام المدن التي تفاقم شرها مثل أريحا، فأمر بتحريم المدينة وكل ما فيها، أي قتل كل ذي جسد من إنسان وحيوان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فتلك الحيوانات التي خدمت المعابد الوثنية وخدمت الأشرار أمر الله بإهلاكها تعبيرًا عن الصورة البشعة للخطية. ويقول " ف. ب. ماير " عن تحريم المدينة وكل ما فيها " لعل الله قصد بهذا الإجراء حفظ بني إسرائيل من التجربة التي كان لابد لهم من الوقوع فيها لو أنهم أطلقوا العنان لشهواتهم في غنائم المدينة. أما حرمانهم منها فكان القصد منه تقوية أخلاقهم وتهذيب إيمانهم"(19).
والحقيقة أن الصورة المؤلمة البشعة من قتل وحرب ودمار للإنسان والحيوان والبيئة لم يصنعها الله قط، إنما هي من ثمار الخطية، والله فقط أظهرها، وهو يقف هنا كقاضٍ عادل يوقع الجزاء بقدر الخطأ.
وجاء في معجم اللاهوت الكتابي " الحِرْم: حِرْم Anatheme أن الأصل السامي الذي يُشتق منه لفظ حِرْم، يعني " التنحية جانبًا" و"يحظر إستعماله الدنيوي".. إن إسرائيل.. يُوقع على الغنيمة حِرْمًا، أي أنه يزهد في أن يخص ذاته بالإنتفاع بها، ويتعهد بنذرٍ أن يكرّسها ليهوه (عد 21: 2 - 3، يش 6) ويترتب على هذا التكريس الإجهاز على الغنيمة إجهازًا تامًا، سواء كانت من الكائنات الحيَّة أو من الأشياء المادية على السواء، وعدم تنفيذ هذا التكريس يستوجب العقاب (1 صم 15) وكذلك إنتهاك حرمته يجلب الهزيمة (يش 7) ويبدو أن التطبيق في الحياة العملية، كان نادرًا للغاية. فمعظم المدن الكنعانية قد إحتلها إسرائيل إحتلالًا (يش 24: 13، قض 1: 27 - 35).. بل أن بعض تلك المدن قد أبرمت مع إسرائيل معاهدات، كجبعون (يش 9).."(20).