_______________
5 – وعد المحبة
الله من البدء خلقني حراً، بمعنى أنه يريدني أن أختاره بكل حرية دون ضغط أو إكراه أو فرض، كما شرحنا سابقاً... ولقد سمح لي، وسمح لكل إنسان، لا أن يرفضه فقط بل أن يُنكر وجوده أيضاً ويفعل ما يشاء بكل حرية !!!
ومع ذلك – رغم جحود الإنسان – يستمر هو في محبته لي، من عمق صلاحه الذي لا يحد، يحبني محبة لا حدود لها، ولا تتغير أبداً بل حب أبدي لا يزول... فهو من يشرق شمسه على الشرار والأبرار دون تمييز، لأن الحب لا يميز بين من يقبله أو يرفضه، لأنه يحب الكل ويشفق على الكل ويتحنن على الكل دون أن يُفرق بين واحد وآخر كالبشر ...
كارثة الإنسان وشقاؤه هو انقطاعه بإرادته الحرة عن شركة الله المحب، وتاه في جو لا يناسب أصله وطبيعة خلقته، فأصبح منساقاً إلى قوانين غريبة عن طبعه. وكما أن الولد التائه في الأدغال الموحشة، ويحيا وسط الحيوانات، مكتسباً منهم طريقه حياته في المأكل والمشرب، وحتى السلوك، ويتقيد بقانون الغابة، يعتقد أن هذه هي دنياه الطبيعية الأصيلة، وهكذا بالمثل الإنسان، أعتقد على مرَّ الأيام أن السقوط والخطية والعزلة عن الله هو جوه الخاص، فاعتاد عليه وأصبح قطعة منه لا يقدر أن ينفصل عنها، [ كالمدمن على الخمر الذي يتصور أن شرب الخمر أصبح طبيعة فيه لا تنفصل عنه ]، ويعتبرها عنصر أساسي في حياته لا يمكن أن يستغنى عنه، مع أن هذا دخيل يولد موتاً ينخر في جسده ويزداد موتاً يوماً بعد يوم [ بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس ] ( رو5: 12 )