ووصية الله تظهر له طريق الشركة مع الله في انسجام المحبين، ولكن الإنسان بكامل إرادته أختار الطريق المُضاد، وانفصل بكامل حريته عن الله، وخضع لغواية عدو كل خير، واتجه بكل قلبه نحو الخير الغير موجود، متسلطاً عليه الموت...
فالخطية هي مرض الإرادة المخدوعة – كما يقول القديس غرغوريوس النيصي، فالإنسان كان ميالاً – بالطبيعة – إلى معرفة الله ومحبته، ولكنه استطاع بسبب إرادته المخدوعة الانحراف نحو الخير غير الموجود !!! مع أن الوصية أعطاها له الله لكي تحفظ إرادته من الخداع...
ونتيجة أتباع الضلال وعدم التمسك بوصية الله المحب: [ وسَمِعَا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط الجنة ] ( تك3: 8 )
فَقَدَ آدم – وكل إنسان – الدالة على مواجهة الله، فقد خالف آدم عهد المحبة ولم يحفظه باختياره الحرّ، وشعر بعريه فصار في خزي عظيم فلا يقدر على المواجهة !!!
وهذا ما يظهر عملياً في حياتنا على المستوى الشخصي: حينما نهرب من الصلاة وقراءة كلمة الله والتناول – بحجة عدم الاستعداد وأحياناً بعدم الاستحقاق كما يدَّعي البعض، وعدم وجود الوقت، وبحجج لا تنتهي وفي غاية الإقناع – ونهرب ببراهين وإثباتات وهمية، وحينما نحاول أن نقترب من كلمة الله الحية في الكتاب المقدس أو سماعها من فم الآباء محبي المسيح، قد نشعر بثقل كلمة الله، ولا نريد أن نسمع كلمة الله في عمقها الحلو، وعمقها المؤدب للنفس، ونخضع لقوة فعلها وسلطانها المغير للنفس، لندخل في شركة حلوة مع الله بالحب وطاعة الوصية، وقد نهرب من الكلمة بالجدل العقلي والصراع على من هو على صواب ومن هو على خطأ (مين صح ومين غلط)، أو ندخل في نقاش فكري عقلي جدلي، لنهرب من طاعة الوصية ومعرفة الحق، لكي لا نحيا لله جدياً ونتلقف قوة النعمة، وأحياناً نتهور ونلتفت لموضوعات سطحية ونعلن احتياجنا عن الموضوعات الشبابية أو المسابقات أو الموضوعات الترفيهية ... الخ ، وكأن الروحيات شيء والشبابيات شيء والنفسيات شيء واللاهوتيات شيء آخر، وهيهات أن جُمعنا لأننا منقسمون على أنفسنا !!!
وهذا كله – في واقع الأمر – انقسام في حياة الإنسان وتمزق مروع وانحراف رهيب وشلل لقدرات النفس الروحية والتحرك نحو الحسيات والنفسيات أي في النهاية كلها مجمل: الهروب من محضر الله والحياة معه، باختصار : ((((((( سمعت صوتك فخشيت )))))))