ويعلّق القديس مكاريوس الكبير على تلك الأتعاب الرسوليّة فيقول: “لقد كُتِب هذا في الحقيقة لكي نتشبّه بهم نحن أيضًا، لذلك فعندما تُهانون ويُفتَرى عليكم أو تُضرَبون فعليكم أن تضعوا في قلوبكم أنكم قد اكتسبتم فوائد عظيمة، وأنكم صرتم شركاء ورفقاء للرسل والشهداء القديسين وأنه عليكم أن تنتظروا ما هو أردأ لكي تربحوا أكثر. وهذا هو الذي لأجله ينبغي على المسيحيين أن يُثابروا لكي يُعتَرَف بهم كتلاميذ لأولئك الذين اشتهروا بذلك”.
وفي نفس السياق يؤكِّد القديس بطرس غير مرّةٍ على الألم الذي يقود للمجد فيقول:” لأَنَّ هَذَا فَضْلٌ إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ يَحْتَمِلُ أَحْزَاناً مُتَأَلِّماً بِالظُّلْمِ. لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهَذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ.” (1بط2: 19 - 20).
ويؤكِّد القديس بطرس على مبدأ الشركة في آلام المسيح كأنه بديهة مسيحيّة، لذا يدعو الكنيسة ألاّ تتعجّب إن طالتها نيران الاضطهاد وكأنّه أمرٌ غريب عن المشيئة الإلهيّة. فالألم إن كان من أجل الخير ومختومًا بختم الخضوع للمسيح كسيّد أوحد ونبع أوحد للمسيرة الإنسانيّة نحو الله، يكون ألم المجد ويتحوّل إلى بهجة فائقة وإشراقة مجد فائق الحسن يوم استعلان يسوع المسيح؛” أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى (التجربة) الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ. إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ. فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.” (1بط4: 12-16)