بعد مرور وقت قليل على حادثة القبض الأولى على الرسل نقرأ؛ «فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ، الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ، وَامْتَلأُوا غَيْرَةً فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ(7)ἐν τηρήσει δημοσίᾳ» (أع5: 17-18) وكان ذلك بعد أن بدأت تنتشر التعاليم بقيامة يسوع، وبدأت الآيات تتزايد وتستقطب الكثيرين من المدن والقرى المتاخمة؛ «وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ.. وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ.» (أع5: 14-16)، وهو الأمر الذي استحضر في أذهانهم خدمة يسوع قبل موته؛ ولكن تلك المرّة هناك أكثر من يسوع، وكأنّهم حينما ألقوا بحبّة الحنطة على الأرض لتَمُت، أثمرت أعدادًا متزايدة من ثمارٍ حاملةً آلاف البذار. لم يكن الحبس في حدّ ذاته عقوبة بحسب القانون الروماني الذي يسري على البلاد الخاضعة للحكم الروماني، فقد كان تمهيدًا للعقوبة.(8) وفي السجن حدثت المعجزة الشهيرة التي تفتّحت فيها أبواب السجن على مصراعيها أمام الرسل(9) وكلّمهم الملاك أن عليهم أن يذهبوا لينادوا بكلمة الحياة، وهو ما عملوه في الصباح الباكر. وحينما نما إلى علم رئيس الكهنة وقائد جند الهيكل وكلّ مشيخة بني إسرائيل أنّهم يعلّمون من جديد في الهيكل، ألقوا القبض عليهم مرّة أخرى، ولكنهم لم يستخدموا العنف تلك المرّة خوفًا من الجموع (انظر: أع5: 26). «فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ قِائِلاً:‘أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ’. فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا:‘يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ(10). إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا، الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ’. فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ.» (أع5: 27-33).