(1)
أوّل صدام نرصده بين قادة اليهود والمسيحيّة الناشئة، قدّمه لنا القديس لوقا في سفر الأعمال في الإصحاح الرابع، عقب المعجزة التي أجراها القديس بطرس عند باب الهيكل المدعو بـ“الجميل”، والتي كان من نتائجها التفاف جموع كثيرة في رواق سليمان ليسمعوا ما عزم بطرس على إعلانه. وأثناء الكلمة التي كان يلقيها بطرس؛ « أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ στρατηγὸς τοῦ ἱεροῦ وَالصَّدُّوقِيُّونَ، مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ، وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ(1) τήρησις إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ » (أع4: 1-3).
هنا ونلاحظ أنّ ثلاث فئات تجمّعت لإلقاء القبض على التلاميذ، وهم يُمثِّلون ثلاثة تيّارات في المجتمع اليهودي آنذاك؛ فالكهنة يُمثِّلون التعصُّب الديني والارتكان إلى التراث والأصوليّة في التفكير، بينما قائد جند الهيكل يمثِّل الجانب الأمني والمرتبط بالضرورة بالجانب السياسي، ومن الجدير بالذكر أنّ حراسة أبواب الهيكل كانت إحدى وظائف اللاّويين لمنع دخول أي شيء نجس، وقد ورد ذكر قائد جند الهيكل في الكتابات اليهوديّة كـ“رجل جبل الهيكل”، وتأتي مكانته في المجتمع اليهودي بعد رئيس الكهنة مباشرة. أمّا الجماعة الثالثة التي كانت حاضرة لإلقاء القبض على التلميذيْن هم الصدوقيون ويمثِّلون الجناح الرأسمالي والطبقة الثريّة والحاكمة في المجتمع اليهودي.
ومن الأمور التي يجب أن تستوقفنا؛ أنّ العدو الأوّل للمسيح في المجتمع اليهودي، كان جماعة الفريسيين، إلاّ أنّ ثمّة تغيُّر كبير حدث إذ بات الصدوقيون هم المقاوم الأوَّل للتعليم المسيحي. وذلك لأنّ محور التعليم الذي جاهر به بطرس بل والرسل أيضًا هو القيامة من الأموات، وهو الذي يمسّ التعليم الصدوقي في جوهره، بل ويقوِّض كلّ دعواهم بأنّه ليست هناك قيامة من الأموات. وبالرغم من كون الصدوقيين(2) ليبراليين منفتحين على الثقافات الأخرى دونما تزمُّت، إلاّ أنّهم هبّوا معًا لمقاومة قيامة يسوع.