عرض مشاركة واحدة
قديم 25 - 06 - 2014, 11:10 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,604

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

بعدها فوجئت بأنّهم يُقدّمون إلى الكاهن رجلاً محمومًا ويُعاني من آلامٍ مبرحةٍ، فما كان من الكاهن إلاّ أن استدعى البعض، وبدأوا يُصلّون معًا، وفي نهاية الصلاة أخذ نقطة من زيتٍ موضوع في قارورةٍ خاصةٍ ودهنَ بها جبهته، وهو يقول: ليكن لك كإيمانك..
وفي الحال فارقته الحُمَّى، وقام الرجلُ ليُقدِّم الشكر للكاهن، فما كان منه إلاّ أنْ طالبه بأنْ يتقدَّم بالشكر لله الذي من خلال الإيمان بابنه أعطاه مثل هذا السلطان، ووقفوا جميعًا عِدّة دقائق يُسبِّحون الله ثم انصرفوا.
- وهل حاولت إقامة حوار مع أحد المسيحيّين؟
- بالطبع، فبعد انتهاء الصلاة، لفتَ نظري شخصٌ وقورٌ بدت عليه إمارات العِلم، له لحية مُعتدلة، قد جلس وبدأ يكتب على رقٍّ، فدفعني الفضول إليه. فبادرته بالسلام، وأجاب بمثله مع ابتسامة رائقة هادئة.
- هل لي في مقاطعتك عِدّة دقائق؟
- إنّ الوقت بعد صلاة الإفخارستيا (الشكر) مُخصّص للتأمُّل والشكر على عطيّة الله.
- هل أعود بعض قليل؟
- لا.. لا بأس، فحوارنا قد يصبح تمجيدًا وسُبحًا لله أكثر من أفكارنا الذاتيّة.
- أراك تُدوِّن شيئًا؟
- نعم إنّها بعضُ التأمُّلات عن الغنوسيّة (المعرفة) الحقّ القائمة على الإيمان والاختبار الحياتي، مع بعض الخواطر التي لاحقتني مؤخّرًا عن بعض العبارات الأفلاطونيّة والتي لها اكتمالات مسيحيّة بالإيمان بالمسيح يسوع.
- وهل قرأت لأفلاطون؟
- بالطبع، فلقد درسته دراسة مستفيضة بعد أن مررت على خيام الرواقيين وقضيت عندهم وقتًا ليس بقليل.
- وكيف بعد هذا العِلم صرت مسيحيًّا؟
- عذرًا؟
- أقصد أولم تشبع من تلك الفلسفات العميقة لتصير ابنًا لأحد مذاهبها وتعمل على نشره!!
- لقد آمنت بالمُعلِّم الأعظم، المسيح يسوع، الإله القدّوس، اللُّوغوس، مُرشد كلّ البشر، الإله المُحبّ.. لذا لن أتركه إلى مجلسٍ آخر ما حييت..
- وماذا عن أفلاطون؟
- وماذا عنه؟
- هل ستتخلّى عنه بتلك البساطة؟
- عزيزي، أفلاطون يُمثّل أحد المراحل الفلسفيّة في الوصول إلى الحقيقة، وقد كان مُلهِمًا في دفع الجموع خطوة نحو الحقّ، ولكن الحقّ لم يكن مكتملاً عنده، فأمام الماورائيّات كانت نظرياته فكرًا مُجرّدًا لا يستند على حقائق. أفلاطون حلقة من حلقات إعلان الحقّ قبل المسيح. ولكن في المسيح، أُعلِن الله للعالم، ليخلُص به العالم. جاء ليفتدي البشر ويعبر بهم إلى الخلود في الملكوت الأبدي.
- إني لمتعجّب، إذ أسمع دائمًا أنّ المسيحيّين رافضين للفلاسفة بل ويعملون على دحض آرائهم -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- فكيف تتآلف مع الفكر الأفلاطوني وتراه حلقة إيمانيّة على عكس الجميع؟؟
- إنّ ما ترفضه المسيحيّة هو المذهبيّة الوثنيّة المناقضة للعقل من خلال عبادة أكوام من الحجارة المهذّبة بأيدي البشر، بينما الفلسفة من حيث كونها تأمُّل في الكون وبحث عن الحقّ واتّباع الفضيلة فهي محمودة بل وفي صميم الإيمان المسيحي.. ولكن قل لي: ألست مسيحيًّا؟
- لا
- فماذا أنت؟
- أنا أتعبّد لسيرابيس آلهة البلاد العظيمة، وأدرس الفلك في الموسيون على يد بسكينوس، وقد دار بيننا حوار حول إحدى فقرات أفلاطون، فأرشدني إلى أحد أساتذة الفكر الأفلاطوني في الموسيون وهو بلينوس والذي بدوره طالبني أن آتي إلى ههنا لأستوضح له بعض الأمور عن المسيحيين.
- أتقصد تلك الدعاوى المُضحكة بأنّنا نمارس علاقات أوديبيّة (مُحرّمة) وأننا نشترك في ولائم ثيستينيّة (من لحوم البشر)؟؟
- نعم.
- وماذا رأيت؟
- لم أرى سوى التقوى والفرح على وجوه الجميع.
- اذهب إذًا واخبر مُعلِّمك بما رأيت وادعوه ليأت ويرى بنفسه.. عذرًا يجب عليّ الذهاب الآن.
- هل أطمع في لقاءٍ آخر؟
- على الرحب والسعة، يمكنك المجيء للمشاركة في حلقة الدراسة لمبتدئي الإيمان والتي نشرح فيها أساسيّات إيماننا المسيحي. يمكنك الانضمام إن أردت؟
- بالتأكيد، ومتى يكون اللقاء؟
- بعد الغد، في الصباح الباكر، إذ نقضي بعض الوقت في التأمُّل قبل أن نخوض في الشروحات الإيمانيّة.
- وهل تأذن لي بمعرفة اسمك؟
- ردّ عليه بصوت خفيض وكأنّه صدى يتناثر في الآفاق:
كليمندس.. كليمندس السكندري
فرك بلينوس جبهته وهو يقول:
إنّ هذا الاسم يتردّد الآن في المدينة.. يا ترى مَنْ هو كليمندس هذا؟؟
__________________
  رد مع اقتباس