عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04 - 06 - 2014, 05:29 PM
merona merona غير متواجد حالياً
..::| VIP |::..
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: مصر
المشاركات: 2,815

المحبة الخاطئة للذات

ما معني أن تحب ذاتك ؟ هل معنى ذلك أن تدلل ذاتك ، وتعطيها كل ما تطلب وكل ما تشتهي ؟ وهل محبتك لذاتك هي أن تمدح الذات ، وتمجدها ، وتفضلها على جميع الناس .

إن كنت تفعل هذا وما يشابهه ، إذن فأنت تحب ذاتك محبة خاطئة ..

المحبة الحقيقية للذات هي أن تسيرها في طريق روحي ، وتلصقها بمحبة الله ، وتوصلها إلى ملكوته .

والمحبة الحقيقية للذات هي أن تؤدب هذه الذات إن أخطأت ، وتقوم طريقها كلما انحرفت الحقيقية للذات هي أن تؤدب هذه الذات إن أخطأت ، وتقوم طريقها كلما انحرفت ، وإن أدي الأمر أن تعاقبها ، أو أن تقف ضد رغباتها الخاطئة .

غبر أن الذات قد تريد أحياناً أن تعيش في حياة اللذة ، سواء كانت لذة جسدية أو حسية ، أو لذة بالعالم وشهواته ... وهنا تكون ذاتك حرباً عليك ... ويكون واجبك أن تقف ضدها بكل قوة ... ونتذكر باستمرار قول الرب :

" إن أراد أحد أن يأتي ورائي ، فلينكر نفسه ، ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني " ( لو9 : 23 ) .

يضع أمامنا الرب فضيلة ـ إنكار الذات ـ كفضيلة رئيسية في الحياة معه ، ولو أدي الأمر أن يحمل الإنسان صليبه كل يوم ، وربما يكون صليباً في مقاومة هذه الذات ، وفي إخضاعها .

ولكن ما أكثر الذين يحبون ذواتهم محبة خاطئة ، ومن مظاهر ذلك ..









تكبير الذات

يريد أن تكون ذاته باستمرار كبيرة وعظيمة ، ولكنه يخطئ في الوسيلة إذ يسعى إلى ذلك بطريقة خاطئة .

فهو يريد أن تكون نفسه كبيرة من الخارج ، وليس في الداخل .

كبيرة من الخارج ، أي بمظاهر خارج النفس ، كالمناصب والألقاب ، والغني والشهرة ، ومديح الناس ، وكل هذه الأمور لا علاقة لها بطبيعته النفس ونقاوتها ، بل هي ضدها وتدل على جهل وعدم فهم . بينما يقول لنا الوحي في المزمور :

كل مجد ابنه الملك من الداخل ( مز45 ) .

على الرغم من أنها " مشتملة بأطراف موشاة بالذهب ، ومزينة بأنواع كثيرة " ( مز44 ) .

فما هو هذا المجد الداخلي ، لمن يريد لنفسه أن تكون كبيرة حقاً ، وبطريقة روحية ؟

المجد الداخلي ، هو أن تكون الذات صورة الله ومثالة ، كما سبق الله وخلقها على شبهه ( تك1 : 26 ، 27 ) .

المجد الداخلي للذات هو أن تشتمل بثمار الروح التي هي محبة فرح سلام وداعة لطف ... إلخ . ( غل5 : 22 ) . وأن تكون الذات نقية قديسة طاهرة بلا لوم في كل شئ ، متضعة هادئة رحيمة حكيمة ... فهذا هو المجد الحقيقي والذي يوصل نفسه إلى هذه الفضائل فهو الذي يحب نفسه محبة حقيقية روحية .

أما كسب المديح للذات ، وتمجيدها من الخارج . وأما السعي إلى احترام الناس لهذه الذات . وتقديرهم لها . فهي أمور خارجية ، من المفروض في الإنسان الروحي أن يرتفع عن مستواها ..

ما الذي تستفيده الذات روحياً ، إن مدحها الآخرون ؟ وما قيمة هذا المديح بالنسبة إلى أبدبتها ؟ وهل الكرامة الخارجية هي وسيلة روحية لتكبير الذات ، أم هي حرب روحية يسقط فيها الكثيرون ؟

من مظاهر هذه الحرب . ما يسمونه عبادة الذات ، أو عشق الذات ...

إذ يريد الإنسان أن تكون ذاته جميلة في عينية ، جميلة في أعين الناس ، بلا عيب أمامهم ولا نقص .. كما لو كان يؤمن بعصمة ذاته ، أو بأنه لا يمكن أن يخطئ .

إنه إنسان معجب بذاته ، كمن يحب باستمرار أن ينظر إلى مرآة ، ويتأمل محاسنه .

مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يحتمل اهانة ، مهما كانت ضئيلة ، ولا يحتمل نقداً ، ولا يحتمل أن يكمله أحد بصراحة .

إن هذا كله ، يراه مشوهاً لصورته التي يريد لها أن تبقي جميلة رائعة أمام الناس وإذ لا يقبل الصراحة أو النقد ، يبقي كما هو في أخطائه ، ولا يصحح مسيرته ، ولا يغير صفاته ، وهكذا تكون محبة الذات سبباً في ابعاده عن النقاوة الداخلية .

وتكون محبة الذات هذه خطراً على أبديته ، لأنها ليست محبة حقيقية .

إنها محبة لسمعه هذه الذات . ولصورتها أمام الناس ، وليست محبة لأبديتها ، ولا محبة لنقاوتها ، إنها محبة غير روحية تشكل خطراً ، وتجلب ضرراً ، ونستطيع أن نقول إنها ليست محبة ، بل هي حرب روحية .

ومع ذلك ، فإن محاولة تكبير الذات بمحبة مديح الناس ، هي حرب يسقط فيها كثيرون ..

والذي يحب المديح ، لا يكتفي بمديح الناس ، بل يتطور إلى أن يتحدث كثيراً عن نفسه ، ويمتدحها أمام الآخرين ؟

وفي حديثه عن نفسه ، لا يكون عادلاً ، ولا يذكر حقيقية ذاته كاملة ، فهو لا يتحدث إلا عن محاسن ذاته وانتصاراتها وأمجادها ، وفي نفس الوقت يخفي ما فيها من عيوب ، وإن أظهر له أحد هذه العيوب أو بعضها يحاول أن يبررها ويدافع عنها .
رد مع اقتباس