* وإن ادعت التنبؤ بالمستقبل وجب أن لا يلتفت إليها أحد، فمثلًا قد تعلن مقدمًا أن الأخوة قادمون بعد بضعة أيام فيأتون فعلًا وعلى أي حال فإن الشياطين لا تفعل هذا لاهتمامها بالسامعين بل لكي تنال ثقتهم وبعد ذلك قد تهلكهم إذ تستحوذ عليهم في سلطتها لهذا يجب أن لا نصغي إليها. بل بالحري أن نخرسها إذ تتكلم، فنحن لسنا في حاجة إليها، بل أي عجب إن كانت وهى بأجسادها الأكثر دهاء من أجساد البشر عندما ترى الإخوة يبدأون أسفارهم تتقدم عنهم بسرعة وتعلن مجيئهم وكما أن راكب الحصان عندما يسبق السائر على قدميه يعلن مقدمًا قدومهم هذا الآخر، كذلك لا داعي للتعجب منها في هذا الصدد. لأنها لا تعرف شيئًا لم يوجد بعد في الوجود. ولكن الله وحده هو الذي يعرف كل الأشياء قبل ولادتها. أما هذه فإنها تركض أولًا وتعلن ما ترى. فقد أعلنت فعلًا خدمتنا للكثيرين، أعلنت أننا مجتمعين معًا نتناقش في بعض الإجراءات ضدها، وذلك قبل أن يستطيع أي واحد منا أن يذهب وينبئ بهذه الأمور. والواقع أن هذا ما يستطيع فعله أي فتى رشيق الحركة عندما يسبق شخصًا أقل حركة. ولكن ما أقصده هو هذا: أنه أن بدا شخص يسير من طيبه أو من أي منطقة أخرى فإنها قبل أن يبدأ المسير لا تستطيع معرفة اتجاه مسيره. ولكنها عندما تراه سائرًا تسرع وتعلن اقتراب وصوله قبل أن يصل. وهكذا يحدث أن يصل المسافرون بعد ذلك بضعة أيام. ولكن كثيرًا ما يحدث أن السائرين يرجعون فيتضح كذب الشياطين.
* هكذا أيضًا فيما يختص بمياه النهر، فالشياطين في بعض الأحيان تعطى بيانات خاطئة فإذ هي ترى أمطارًا كثيرًا في مناطق أثيوبيا، وهى تعرف أنها هي سبب فيضان النهر، فإنها تسرع وتعلن الأمر قبل وصول المياه إلى مصر. وهذا ما يستطيع البشر أن يخبروا به لو كانت لهم نفس قوة الركض كالشياطين.
* هكذا انتشرت في الأيام الماضية أقوال الوثنيين الذين أضلتهم الشياطين. على أن ضلالتهم قد وضعت عند حد بمجيء الرب الذي أبطل مكايدهم. لأنها لا تعرف شيئًا من تلقاء ذاتها، بل كلصوص تعرف ما يتصادف أن تعرفه ممن تمر بهم، وهى لا تتنبأ بالحوادث بل بالحري تتكهن.