الليتورجيا والثالوث الأقدس
"الليتورجيا، ولا سيما ذبيحة الافخارستيا الإلهية "التي بها يتم عمل فدائنا"، تسهم إلى حد بعيد، في أن يعبّر المؤمنون بحياتهم للآخرين عن سر المسيح وعن الطبيعة الأصلية للكنيسة الحقّة ويظهروها لهم. لأنه من خصائص هذه الكنيسة أن تكون في آن واحد، إنسانية وإلهية، منظورة وغنية بالحقائق غير المنظورة، غيورة في العمل ومجتهدة في التأمل حاضرة في العالم … وبما أن الليتورجيا تبني كل يوم الذين هم في الداخل كي ترفع منهم هيكلاً مقدساً في الرب ومسكناً لله في الروح إلى بلوغ ملء اكتمال المسيح، وهكذا تقوّي عزائمهم بطريقة عجيبة تحملهم على التبشير بالمسيح، فتظهر الكنيسة للذين هم خارجا عنها وكأنها راية مرفوعة في وجه الأمم، تحتها يجتمع في الوحدة أبناء الله المشتتون، إلى أن يكون قطيع واحد وراعٍ واحد"(ل 2).
فالليتورجيا هي صلاة نشيد حمد وشكر للثالوث الأقدس. إنها تمجيد الآب بواسطة الابن في الروح القدس. فأقدم تسبحة تشدد على ترتيب الوحي والعمل (التدبير الخلاصي) للأقانيم الثلاثة. وجاءت هذه التسبحة على الشكل التالي: المجد للآب والابن والروح القدس (أو، كما ذكرها القديس باسيليوس: المجد للآب مع الابن ومع الروح القدس). وهذه عبارات سادت منذ القرن الرابع (أثر النقاشات الثالوثية) وتشدد على المساواة في الطبيعة الواحدة بالرغم من التمييز في الأقانيم.
وكل عمل ليتورجي هو عمل الآب فينا ولأجلنا ويجدد فينا بشكل فعال سر حياة المسيح إذ يدمجنا به بقوة الروح القدس الذي يقدسنا. إن كلمات العماد هي أبلغ شاهد على ذلك . سيكون هنالك توسع في هذا الموضوع في الفصل الخامس.