الإمبراطور فالنز:
* لم يمض على القديس باسيليوس أكثر من اثني عشر شهرًا في أسقفيته حتى جاء إلى صدام علنى مع الإمبراطور فالنز الذي كان يعبر آسيا الصغرى مصممًا على ملاشاة الإيمان الأرثوذكسي وإحلال الأريوسية محله. وقد ضعف أمامه كثيرون وكان مصير كبادوكية يتوقف على باسيليوس. نصحه البعض أن ينحني أمام العاصفة، ويهدئ من روع الإمبراطور بخضوع وقتي. ولكنه رفض مشورتهم بإباء تشوبه الغيرة المقدسة.
* دخلت حاشية الإمبراطور على القديس باسيليوس بتهديدات شديدة وكان أشدهم وقاحة ديموستينيز رئيس المطبخ الذي هدده بالسكين. فقابل القديس تهديداته بصرامة هادئة
*ثم تلاه مودستس حاكم بن أيتوريوم، وقد أرسله فالنز إلى القديس باسيليوس يخيره بين امرين: إما العزل وأما الاشتراك مع الأريوسيين فاستدعاه مودستى وباسم الإمبراطور طالبه بالخضوع، وباسم الله رفض القديس الأمر فهدده مودستى بمصادرة أملاكه وبالتجويع والنفي والتعذيب والموت. فكان رد القديس على هذه الإهانة أن لا شيء من هذه التهديدات يرهبه، فليس له شيء يصادر سوى قليل من الخرق وبعض الكتب. أما النفي فلا يمكن أن يبعث به إلى ما وراء أراضى الله، إذا الأرض كلها دار غربة بالنسبة إليه. أما التعذيب فلا يخيف جسما مات بالفعل أما الموت فأنه يكون كصديق يأتي ليصحبه في آخر رحلة إلى الوطن الحقيقي وينقله للحال إلى الله الذي يحيا له. وما أن سمع مودستس هذه الإجابة حتى صاح في دهشة ممزوجة بكبرياء معلنًا أن أسقفًا لم يكلمه قط بمثل هذا الكلام، فأجابه القديس في هدوء "ذلك لأنك لم تقابل أسقفًا حقيقيًا". ولما لم يفلح مودستس في تهديده أخذ يعده بكرامات وبصداقة الإمبراطور ويتحقق كل مطالبه. لكن شيئًا من كل ذلك لم يلن عزيمة باسيليوس الحديدية، فأسرع مودستس إلى سيده ورفع تقريره الذي قرر فيه " أن الوسائل المتبعة في الإرهاب بدع غير قادرة على تحريك هذا المطران الباسل. والشدة هي السبيل الوحيد الذي يتبع مع ذاك الذي لم يجد معه التهديد والملاطفة على السواء". لكن فالنز ككل المخلوقات الضعيفة تذبذب بين الإرغام والإذعان، ورفض استخدام العنف ضد باسيليوس وجعل طلبه منه متوسطًا، أن يسمح للأريوسيين بالاشتراك معه. وهنا أيضًا لم يلن باسيليوس ولم يتراجع عن موقفه ولكي ينفذ الإمبراطور ما أراد، قصد إلى الكنيسة الرئيسية في قيصرية يوم عيد الظهور الإلهي سنة 372 م. بعد بدء الخدمة. فوجد الكنيسة زاخرة بالمصلين، تتجاوب اصداء تسابيحهم كالرعد، لم يقطعها دخول الإمبراطور وحاشيته، وكان القديس باسيليوس واقفًا في الهيكل ووجهه نحو الشعب يحيط به الكهنة وخدام المذبح في شكل شبه دائري. وكان جو الكنيسة سماوي أكثر منه أرضى. وكان حماس العبادة المنظمة أليق بالملائكة من البشر. كان الموقف رهيبًا حتى أن الإمبراطور اضطرب. وحين حان الوقت ليقدم تقدمه، تردد الخدام في قبولها لأنه هرطوقي، فلم يتقدم أحدهم لأخذها، اهتز الإمبراطور وكان يسقط لولا معاونة أحد الكهنة، ويبدو أن باسيليوس تراءف على ضعف خصمه، فقبل التقدمة من يده المرتعشة.
* وفي اليوم التالي زار فالنز الكنيسة أيضًا، وأصغى باحترام على عظة القديس باسيليوس، وبعد نهاية الاحتفال ناقشه القديس في الإيمان الأرثوذكسي.