عرض مشاركة واحدة
قديم 31 - 05 - 2014, 03:26 PM   رقم المشاركة : ( 39 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,549

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: البابا أثناسيوس (موضوع متكامل)

* وطالما أنه -مثله مثل الابن- يصدر من الجوهر الإلهي فالروح القدس إذن غير مخلوق. ورغم أن أثناسيوس لم يستخدم الكلمات "مولود" أو "ولادة" بالنسبة للروح القدس إلا أنه ينسب إليه معنى الولادة. كما أنه هو أمر حقيقي أن القديس أثناسيوس لم يلقب صراحة أو بشكل مباشر الروح القدس بأنه واحد مع الآب في الجوهر أو أنه هو الله. غير إننا هنا بصدد تحفظ، سببه رغبة القديس أثناسيوس في تجنب أسباب صراعات لاهوتية أخرى جديدة وسعيه لإيجاد طرق تقارب بينه وبين الأريوسيين المعتدلين...
* لكن على كل حال فإن ما علم به أثناسيوس عن الروح القدس يشكل كل أبعاد الدفاع عن ألوهيته. فإن كان هو (الروح القدس) فريد في كيانه ومتحد بالآب فإنه بغير شك هو إله. وإن كان هو غير مخلوق فهو بالحقيقة الله. فالقول بأن الروح غير مخلوق يُجمل كل ما نريد أن نقوله عنه، لأن كل ما هو غير مخلوق هو حتمًا الله.
* وبالعكس فإن كل كائن أو كل ما يدعى "إلهًا" ليس بالضرورة غير مخلوق لأن الكلمة " إله " تستخدم أيضًا للدلالة على الشركة في الألوهة. وكانت تستخدم حينذاك للدلالة على الآلهة الكاذبة أو على الآلهة التي صنعها البشر وبالتالي فمن الأكرم أن ندعو الروح القدس بأنه غير مخلوق من أن ندعوه إلهًا.
* إن براهين أثناسيوس هذه ترتبط من ناحية بتعاليمه عن الثالوث، ومن ناحية أخرى بالخبرة الروحية للمسيحيين...
* فمنذ نشأة المسيحية وهى تعتمد على الإيمان بالأقانيم الإلهية الثلاثة، ويمكن القول بأن الثالوث كان هو رؤية المسيحية الأكيدة على الله. فلا توجد مسيحية بالمرة بدون الإيمان بالثالوث.
* فنلاحظ أنه منذ ذلك الحين جرت محاولات لفهم أقانيم الثالوث، لكن في القرن الرابع عندما هُزمت بالكلية تعاليم سابيليوس والمونارخيا التي ألغت وجود الأقانيم الثلاثة نجد أن اللاهوتيين المسيحيين بصفة عامة قد كتبوا بوضوح عن عقيدة الثالوث وقد تمثل بهم في عملهم هذا معاصروهم من الافلاطونيين الجدد.
* وحينما يعتمد التعليم عن الثالوث على التعليم عن المسيح الذي يركز على خضوع الابن للآب والذي هو أساس التعاليم الأريوسية. فإن فكرة الخضوع هذه تشوه التعليم الصحيح لأن الثالوث، غير أن أثناسيوس، وبالرغم من إنه لم يهجر استخدام هذا المصطلح بل نجده يستخدمه بكثرة في كتاباته وخصوصًا في كتاباته الدفاعية عن مجمع نيقية، فأنه استبعد فكرة خضوع الكلمة للآب وبالتالي كان تعليمه عن الثالوث هو تعليمًا مستقيمًا وهو يرفض تطابق الأقانيم الإلهية الثلاثة لكنه يقبل تطابق جوهر أو طبيعة هذه الأقانيم. فكل أقنوم بكونه غير مخلوق، يملك الطبيعة الإلهية بكاملها. أو الجوهر الإلهي كاملًا ولهذا فهو الله.
* ومن الناحية الأخرى فإن أثناسيوس يرفض أيضًا انفصال الأقانيم. فالثالوث ليس غير متماثل وليس هو من طبائع مختلفة بل هو طبيعة واحدة. فالثالوث يتكون من أقانيم غير مخلوقة ومتماثلة في الطبيعة والجوهر. وليس من الممكن فصل الأقانيم عن بعضها، ولا يمكن أن نقبل ألوهية الآب وفي نفس الوقت نعتبر أن الابن والروح هما من المخلوقات ولا أن نقبل ألوهية الآب والابن ونعتبر أن الروح القدس من المخلوقات. فلا يمكن أن يختلط بجوهر الثالوث أي شيء آخر غريب أو خارجي.
* فلو كان الكلمة والروح من المخلوقات لكانا خاضعين للزمن وبالتالي فتكون لهما بداية ولو لم يكونا أزليين لصار الثالوث معتمدًا على الزمن ولكان الثالوث هو ثالوث تدبيري فقط فالتدبير الإلهي هو ثمرة للثالوث. فالخلاص وتجديد الخليقة بصفة العامة وكل شخص على حده، هو نتيجة للعمل المشترك للثالوث، ولكنه أيضًا هو عمل كل من الأقانيم الثلاثة على حده.
* فلو لم يكن الكلمة هو الله فكيف كان يمكن للإنسان أن يتأله لو افترضنا أن الطبيعة البشرية -في التجسد- ارتبطت بشيء مخلوق وليس بالله؟ ولو كان ذلك إلى أتخذ جسدًا بشريًا ليس هو ابن بالطبيعة، فكيف يمكن أن يقترب الإنسان من الآب؟ ولو كان الروح القدس مخلوقًا وليس هو الله فكيف يمكن لنا أن نصير من خلال الشركة معه شركاء الطبيعة الإلهية؟
* فالمعمودية التي تتم ليس باسم الآب فقط بل أيضًا باسم الابن والروح القدس، لن تكون لها أية قيمة إن كانت تتم باسم المخلوقات، فالعبد لا يمكن أن يُخلص العبيد نظرائه. فتقديم الكرامة والاحترام إلى المخلوقات يمثل عبادة لها، عبادة أوثان حقيقية.
* فيمكننا أن نرى أن هذه النتائج العملية للتعاليم الأريوسية من جهة التدبير الإلهي وخلاص الإنسان، هي التي دفعت القديس أثناسيوس أكثر من أي دافع آخر أن يواجه الأريوسية بأسلوب حاد أتخذ شكلًا هجوميًا في أحيان كثيرة وذلك بسبب حرصه الشديد وغيرته على بنيان كنيسة الله وخلاص المؤمنين.
* إن ولادة الله لا يجب أن تقارن بطبيعة البشر، وكذلك لا يجب اعتبار ابن الله جزء من الله، أو اعتبار أن الولادة تعنى أي ألم شهوة على الإطلاق... فإن البشر يلدون بالشهوة، حيث إن لهم طبيعة متغيرة، وهم ينتظرون إلى الوقت (الولادة) نظرا لضعف طبيعتهم ذاتها، ولكن لا يمكن أن نقول هذا الكلام بالنسبة لله. لأن الله غير مركب من أجزاء. بل بسبب كونه بلا هوى أو شهوة، كما أنه بسيط غير مركب لذلك فهو آب الابن دون حدوث تغيير فيه ودون انفصال... لأن كلمة الله هو ابنه والابن هو كلمة الآب وحكمته، فإن الكلمة والحكمة ليس مخلوقًا، وليس هو جزء من ذلك الذي له كلمته (أي الآب)، ولا هو مولود بالألم والشهوة. فكلا (اللقبان) وحدهما الكتاب وأعطاهما لقب "ابن" بصورة مؤكدة.
* القديس أثناسيوس الرسولي: ضد الأريوسيين 1، 28:8

البابا أثناسيوس (موضوع متكامل)
  رد مع اقتباس