النهاية البشعة لأريوس:
* عندما نجح الأريوسيون في إبعاد أثناسيوس عن كرسيه الإسكندري ونفيه إلى تريف سعوا لإرجاع أريوس إلى حظيرة الكنيسة فتوسطوا لدى الإمبراطور مدعيين أن أريوس قد تاب فصدق إدعاءهم وأمر بعودة أريوس وأتباعه إلى الإسكندرية لكن الشعب الأرثوذكسي في الإسكندرية أغلق في وجهه أبواب الكنائس وأجبره الوالي على ترك المدينة خشية حدوث ثورة حقيقية فلما أخبروا الإمبراطور قسطنطين بموقف أريوس أرسل يستدعيه للقسطنطينية.
* عندئذ أرسل الإمبراطور إلى ألكسندروس أسقف القسطنطينية يطلب إليه قبول أريوس في كنيسته غير أن أسقف القسطنطينية أرسل للإمبراطور قائلًا إن الذي حرم أريوس مجمع مسكونى فلا يحله الا مجمع مسكونى لكن هذا الرد أهاج قسطنطين الذي أمر الأسقف الجليل بالسماح لأريوس بأن يقيم الصلاة في كنيسته أول يوم من أيام الآحاد. ولعل أعظم وصف لهذه المأساة ذكرها سقراط المؤرخ في (ك1 ف68) فكتب يصف هذا المشهد المؤثر بتفصيلاته يقول:
* (" وكان الكسندر أسقف القسطنطينية... رجلًا ذا تقوى صادقة،.. هذا لما واجه هذه الأعمال دخلت نفسه في ضيقه وخصوصًا لما هدده يوسابيوس النيقوميدى بعنف أنه سيسقطه عن كرسيه إن لم يقبل أريوس وكل شيعته في شركة الكنيسة.
* أما ألكسندر فلم يرعبه التهديد بخلعه من كرسيه بقدر ما أرعبه الخوف على الخراب الذي سيحل بمبادئ الإيمان. الأمر الذي كان يسعى إليه هؤلاء الأريوسيون باجتهاد فاعتبر نفسه إزاء هذا الموقف أنه معين ليكون حارسًا للعقيدة المسلمة إليه بكل مقررات مجمع نيقية، فبدأ يجاهد بكل قوته ليمنع عن الإيمان أي تحريف أو فساد وعندما حصر نفسه في هذا الهدف اعتزل كل محاجاه ومنطق وجعل الله ملجأه وكرس نفسه للصوم المتواصل ولم يكف قط عن الصلاة وأغلق على نفسه الكنيسة المدعوة "إيريني" وصعد إلى المذبح وانطرح على أرضه أمام المائدة المقدسة وسكب دموعًا حارة بصلوات وبكاء وبقى على هذا الحال عدة أيام وليالي متوالية...")
* ويستأنف المؤرخ سقراط حديثه فيعطينا تفصيلات أكثر فأكثر عن نهاية أريوس البشعة إذ يقول:
* (كان الوقت يوم سبت، وكان أريوس يتوقع أن يجتمع بالكنيسة (ودخول الشركة) في اليوم الثاني ولكن النقمة الإلهية أخذت حقها تجاه جرائمه لأنه حالما خرج من قصر الإمبراطور تحيط به زمره من شركاء يوسابيوس كحراس، صار يستعرض نفسه بعظمة وسط المدينة وهو يجتذب أنظار الشعب كله فلما اقترب من القصر المسمى " محكمة قسطنطين " أخذته رعدة وفزع من الضمير فأصابه إسهال عنيف فطلب مكانًا يقضى فيه حاجته فاقتادوه إلى (مرحاض) خلف "المحكمة" وفي الحال أفرغ أحشاؤه فخرجت أمعائه مع نزيف حاد وأصابه إغماء ومات. ولا يزال موقع هذه النقمة يرى إلى هذا اليوم في القسطنطينية... وبسبب هذا الحادث المرعب امتلأ يوسابيوس النيقوميدي وكل شيعته من الخوف والرعب وخرجت الأخبار بسرعة لتملأ المدينة كلها وكل العالم).
