رابعًا: العذراء (حواء الثانية) عند القديس يوستينوس فى ضوء تقليد الكنيسة وكتابات الآباء
* يقول القديس يوستينوس الشهيد: (نحن نعلم أن ابن الله صار إنسانًا وتجسد من العذراء مريم. وكما أن حواء برفضها لكلمة الله حملت إلى البشرية الهلاك فالعذراء بقبولها كلمة الله حملت الخلاص. حواء كانت عذراء غير دنسة ولكنها حبلت بالكلمة التي جاءت من الحية وبذلك جاءت المعصية والموت. أما العذراء مريم فقد كان لها إيمان وفرح ولذلك عندما أخبرها الملاك بالبشارة السارة: "أن روح الرب سوف يحل عليها وقوة العلى تظللها وأن المولود منها قدوس وابن الله يُدعى".. أجابت وقالت: ليكن لي كقولك. فولد منها ذلك الذي نتحدث عنه (أي المسيح) الذي به سحق الله الحية وملائكته).
* هذه المقارنة وهذا التبادل بين حواء الأولى وبين حواء الثانية أي "العذراء مريم" نجده بوضوح تام في تقليد الكنيسة القبطية من خلال قطع الثيؤطوكيات، كما نجده في الكثير من كتابات آباء الكنيسة الجامعة.
* جاء في القطعة الثانية من ثيؤطوكية يوم الاثنين: (حواء التي أغرتها الحية حُكم عليها من قبل الرب. تحنن الرب من قبل محبته للبشر وسُر مرة أخرى بعتقها).
* كما جاء في القطعة الثانية من ثيؤطوكية يوم الخميس: (فخر جميع العذارى هي مريم والدة الإله، من أجلها أيضًا نُقضت اللعنة الأولى التي جاءت على جنسنا من قبل المخالفة التي وقعت فيها المرأة لما أكلت من ثمرة الشجرة. من أجل حواء أُغلق باب الفردوس ومن قبل مريم العذراء فُتح لنا مرة أخرى. استحققنا شجرة الحياة لنأكل منها أي جسد الله ودمه الحقيقيين).
* وهكذا صار التبادل بين حواء الأولى وحواء الثانية كما توصفه القطعة الثالثة من ثيؤطوكية يوم الخميس بالأتي: (يا لعمق غنى وحكمة الله لأن البطن الواقع تحت الحكم وولد الأولاد بوجع القلب. صار ينبوعًا لعدم الموت، ولدت لنا عمانوئيل بغير زرع بشر ونقض فساد جنسنا).
ولكن السؤال الهام: كيف حدث هذا التبادل بين حواء والعذراء القديسة مريم؟
* إجابة السؤال: نجدها عند القديس يوستينوس الشهيد والقديس إيريناؤس وكلاهما من آباء القرن الثاني الميلادي وتتلخص الإجابة في "طاعة العذراء وقبولها أن تلد المسيح".