15. لبس الثياب البيضاء
دعا القديس كيرلس الأورشليمي جرن المعمودية "حجال العريس الداخلي"، في داخلها يناجي السيد المسيح النفس البشرية، قائلًا: "بسطتُ ذيلي عليكِ، وسترتُ عورتكِ وحلفت لكِ ودخلت معكِ في عهدٍ... فحمَّمتكِ بالماءِ، وغسلت عنكِ دماءَكِ، ومسحتكِ بالزيت. وألبستكِ مطرَّزةً، ونعلتكِ بالتُّخَس، وأزَّرتُكِ بالكتان، وكسوتكِ بزًّا... وجَمُلْتِ جدًا جدًّا، فصلحتِ لمملكةٍ. وخرج لكِ اسم في الأمم لجمالكِ، لأنهُ كان كاملًا ببهائي الذي جعلتهُ عليكِ" (حز 16: 8، 14). لقد خطبها لنفسه عروسًا بعد أن غسلها وألبسها وزيَّنها بجماله فتصير ملكة، تحمل بهاء الملك في داخلها. لهذا إذ تخرج من المياه تلبس الثياب البيضاء البهية، التي هي الحلة الأولى التي قدمها الأب لابنه الراجع إليه (لو 15: 22)، لا بمعنى أنه توجد حلة ثانية وثالثة، لكنها دُعيت بالحلة الأولى من أجل بهائها وجمالها ومقامها وقيمتها، إذ هي لباس العُرس الأبدي، بدونها يُطرد المدعوون فلا يتمتعوا بشركة عرس ابن الملك (مت 22: 13).
يشير الثوب الأبيض إلى انعكاسات إشراقات المجد الإلهي على الإنسان، إذ في تجلي الرب "صارت ثيابه بيضاء كالنور"، وفي السماء يلبس الأربعة وعشرون قسيسًا غير المتجسدين ثيابًا بيضاء (رؤ 4: 4)، وهكذا جموع الغالبين متسربلون بالثياب البيض (رؤ 7: 13)، كما أعطى للشهداء ثيابًا بيضاء (رؤ 6: 11)، وقد أشار الرب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين أي أسقفها أن يتوب ويشتري لنفسه ثيابًا بيضاء (رؤ 3: 18).
اللون الأبيض هو لون الحق الطبيعي كما يقول القديس إكليمنضس [443]، يشير إلى الحق كما إلى الطهارة والنقاوة والغلبة والنصرة [444].
* عندما تخرج من الماء ترتدي ثوبًا كله بهاءً.
* بعد نوال نعمة المعمودية وارتداء الثوب الأبيض المضيء يقترب إليك الكاهن ويرشمك على جبهتك، قائلًا: "فلان يُرشم باسم الآب والابن والروح القدس" [445].
* بعد ذلك أعطيت لكم ملابس بيضاء علامة أنكم قد خلعتم ثوب الخطايا ولبستم ثوب الطهارة والبراءة، الذي تحدث عنه النبي قائلًا: "تنضح عليَّ بزوفاك فأطهر، وتغسلني فأبيض أكثر من الثلج" (مز 51: 9). لأن من يعتمد يصير طاهرًا حسب الناموس والإنجيل كليهما. حسب الناموس لأن موسى رش دم الحمل بباقة من الزوفا (خر 12: 22)، وحسب الإنجيل، لأن ثياب المسيح كانت بيضاء كالثلج عندما أظهر مجد قيامته في الإنجيل. إذن فذاك الذي يُغفر إثمه يبيض أكثر من الثلج، لهذا قال الله بإشعياء: "إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضُّ كالثلج" (إش1: 18) [446].