12. الثلاث تغطيسات
يتم العماد في داخل المياه المقدسة بالتغطيس ثلاث مرات. أما عادة التغطيس -دون الرش- فقد بدأت بالسيد المسيح نفسه الذي نزل نهر الأردن وصعد منه كقول الكتاب: "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماءِ" (مت 3: 16)، وقد مارست الكنيسة في الشرق والغرب العماد بالتغطيس، وقد بقيت الكنيسة الشرقية هكذا، أما الغربية فحتى أيام الأب توما الأكويني كانت تمارسه بالتغطيس.
يقول F. Cuttaz الكاثوليكي: [يلزم اعتبار عماد المسيح في نهر الأردن بواسطة القديس يوحنا المعمدان مثالًا ونموذجًا للعماد المسيحي الذي أراد المسيح تأسيسه. لقد نزل مخلصنا في النهر، إذ يقول عنه الإنجيل: "صعد للوقت من الماءِ" (مت 3: 16)، ونقرأ في سفر الأعمال (8: 38-39) عن عماد خصي كنداكة الملكة: "فنزل كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده، ولما صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس... (وجاء في هرماس) نزل الموعوظون في الماء أمواتًا وصعدوا منها أحياء [426]. العماد نزول مع السيد المسيح إلى القبر ودفن معه ثم صعود معه خلال قيامته. هذا النزول والصعود لا يتحقق برش بعض نقاط من الماء على الإنسان بل بتغطيسه في المياه [427].]
لقد دُعيت المعمودية "صبغة" لأن الكلمة اليونانية "Baptizen" تعني صبغة، والصبغ يتم بتغطيس الشيء تمامًا في مادة الصبغ.
هذا والمعمودية في الحقيقة هي "تجديد"، يتم بالتعري الكامل عن الإنسان القديم وأعماله، لهذا تمارس المعمودية بالتغطيس حيث يتعرى الإنسان لكي يلبس الإنسان الجديد: [تصبحون عراة مثل آدم في الفردوس، مع الفرق أن آدم أخطأ، أما في المعمودية فيتعرى الإنسان لكي يتحرر من الخطيئة. آدم فقد مجده، أما من يأتي إلى المعمودية فيخلع الإنسان العتيق بسهوله كما يخلع ملابسه [428].]
والتغطيس أيضًا ضروري، لأن المعمودية هي دفن مع السيد المسيح (رو 6: 4، كو 2: 12).
بالتغطيس يُغمر الإنسان بالمياه من كل جانب، هكذا يحيط الروح بنفسه من كل جانب بطريقة فائقة!
وإن عدنا حتى إلى رموز العهد القديم الخاصة بالمعمودية مثل عبور البحر الاحمر ونهر الأردن كان الشعب يدخل إلى القاع، وفي قصة الطوفان كان الفلك مغمورًا بالمياه.
ولا تزال المعموديات القديمة في الشرق والغرب تشهد عن العماد بالتغطيس، إذ كانت متسعة، بعضها توجد به سلالم ناحية الشرق والغرب حيث ينزل طالب العماد على إحداها ومتمم السرّ على الأخرى ليضع يده على رأسه أثناء العماد بالتغطيس.
في الطقس القبطي يتم التغطيس ثلاث مرات، في المرة الأولى يضع الكاهن يده على المعمد ليقول: "أعمدك يا... باسم الآب"، والثانية باسم الابن، والثالثة باسم الروح القدس. في كل مرة ينفخ الكاهن في وجهه.
والتغطيس ثلاث مرات إنما إعلان عن العماد باسم الثالوث القدوس، كما تشير إلى الدفن مع السيد المسيح ثلاثة أيام ليحمل المعمد قوة القيامة مع السيد المسيح (كو 2: 12) [429].
* نحن نغطس ثلاث مرات [430].
* نحن لا نغطس مرة واحد بل ثلاث مرات عندما نذكر اسم كل أقنوم من أقانيم الثالوث [431].