تقديس المياه
جاء في التقليد الرسولي للقديس هيبوليتس: [عند صياح الديك أولًا يصلون على المياه، إذ يأتون بمياه نقية وفياضة [411].] ويقول القديس باسيليوس: [الأمور التي سلمت إلينا من تقليد الرسل... أن نبارك مياه المعمودية [412].] وقد تحدث الآباء كثيرًا عن تقديس مياه المعمودية باستدعاء روح الله القدوس والصلوات ورشم علامة الصليب، كما أفاضوا في الكشف عن فاعلية هذا العمل في حياة المعمدين، تقتطف هنا بعض العبارات:
* يحصل الماء على سرّ التقديس بالابتهال لله، إذ ينزل الروح في الحال من السماء، ويستقر على المياه، ويقدسها بنفسه، وإذ تتقدس المياه تتشرب قوة التقديس [413].
* يلزم أولًا أن تتطهر المياه وتتقدس بواسطة الكاهن لتحل فيها قوة المعمودية لغسل خطايا الإنسان الذي ينال المعمودية، إذ يقول الرب لحزقيال النبي: "وأرشُّ عليكم ماءً طاهرًا فتُطهَّرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل روحًا جديدة في داخلكم" (حز 36: 25-26) [414].
* لا تنظروا إلى الجرن كماء بسيط بل بالأحرى تطلَّعوا إلى النعمة الروحية التي توهب مع الماء... إذ يحمل الماء البسيط قوة جديدة للقداسة، بتكريس الروح القدس والمسيح والآب.
* عندما تنزلون في الماء لا تفكروا في المادة المجردة بل تطلَّعوا إلى الخلاص بقوة الروح القدس. فإنه بدونهما -كلاهما- لا يمكن أن تصيروا كاملين. ما أقوله هذا ليس من عندياتي، إنما هو كلام الرب يسوع صاحب السلطان في هذا الشأن. إنه يقول: "إن كان أحد لا يُولَد من الماءِ والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5). فمن يعتمد بالماء ولا يكون متأهلًا للروح (بسبب سوء نيته) لا يتقبل نعمة الكمال. وأيضًا إن كان فاضلًا في أعماله ولم يتقبل الختم بالماء فلا يدخل ملكوت السماوات. هذا القول فيه جسارة لكنه ليس مني بل أعلنه يسوع [415].
* هنا حكم المؤمن شيء وحكم غير المؤمن شيء آخر. فمن جهتي أنا عندما أسمع أن المسيح صُلب في الحال أتعجب لمحبته للبشرية، أما الذي لا يؤمن فيرى في ذلك غباوة...
غير المؤمن إذ يسمع عن الحميم يفكر فيه مجرد ماء، أما أنا فمن الجانب الآخر لا أتطلع إلى ما هو منظور فحسب وإنما أهتم بتطهير النفس بالروح القدس [416].
* انزع الكلمات (الخاصة بالتقديس) فتكون المياه مجرد مياه. أضف الكلمات إلى العنصر فيكون لك سرّ Sacramentum [417].
* إنكم ترون المياه، لكن ليست كل المياه تشفي بل تلك التي تحمل نعمة المسيح. الماء هو أداة، لكن الروح القدس هو الذي يعمل. المياه لا تشفي ما لم يحل الروح عليها ليقدسها [418].
* يليق بالأسقف -حسب قانون الخدمة الكهنوتية- أن يستخدم الكلمات المعروفة، ويسأل الله أن يحل الروح القدس على المياه، ويجعلها قادرة على الميلاد المملوء رهبة [419].