أولًا: دُعيت المعمودية المسيحية بالمعمودية باسم الرب يسوع (أع 8: 16؛ 19: 5)، حيث يلتزم المعمَد -أو إشبينه إن كان طفلًا- بإعلان إيمانه بربنا يسوع المخلص، "لكي يقدر أن يقترب من سرّ الصليب ويدخل إلى شركة دفنه والتمتع بقوة قيامته. لهذا جاء الاعتراف بالمسيح يسوع ربنا المصلوب والقائم من بين الأموات كعنصرٍ أساسيٍ في كل "قوانين الإيمان للمعمودية" منذ نشأة الكنيسة. وكما يقول الرسول: "إن اعترفت بفمك بالربّ يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامهُ من الأموات خلصت" (رو 10: 9). واعتبر الرسول هذا الأمر هو حجر الزاوية في الإيمان المُسلم له: "فإنني سلَّمت إليكم في الأوَّل ما قبلتهُ أنا أيضًا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنهُ دُفِن وأنهُ قام في اليوم الثالث حسب الكتب" (1 كو 15: 3).
وقد عرف الوثنيون ذلك، لهذا كان كل همهم أن يُلزموا المؤمنين أن يجحدوا مسيحهم. ففي محاكمة الشهيد بوليكاربوس طلب منه الوالي أن يلعن المسيح، فأجابه: "كيف ألعن ملكي؟" وفي خطاب بليني Pliny يقول للإمبراطور تراجان: "إني أحاول أن أجعلهم يلعنون المسيح".
ثانيًا: لما كانت المعمودية هي الباب المفتوح للدخول إلى العضوية في الجماعة المقدسة، لهذا يلزم الاعتراف بالإيمان الذي هو حجر الزاوية في بناء الجماعة المقدسة وسرّ وجودها، إذ يخاطبها الرسول قائلًا: "قبلتم المسيح يسوع الرب" (كو 2: 6)، كما يصفها هكذا: "لكي تجثو باسم يسوع كلُّ ركبةٍ مِمَّنْ في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض، ويعترف كلُّ لسانٍ أن يسوع المسيح هو ربّ لمجد الله الآب" (في 2: 11). إنه يدخل إلى العضوية في الكنيسة التي تسلمت الإيمان وتسلمه من جيل إلى جيل.
ثالثًا: الاعتراف بالإيمان هو دخول في ميثاق إلهي أو توقيع عقد مع الله، يُسجل في سفر السماء. وفي هذا يقول الأب ثيؤدور المصيصي: [أن نقيم العقود والمواثيق مع الله ربنا بالاعتراف بالإيمان، خلال وساطة الكاهن نصير مؤهلين للدخول في بيته والتمتع برؤيته ومعرفته وسكناه وأن نُسجل في المدينة ونُحسب مواطنين فيها ونصير أصحاب ثقة عظيمة [396]]، كما يقول: [بالاعتراف بالإيمان تربط نفسك بالله بواسطة الأسقف، وتقيم ميثاقًا تتعهد فيه أن تثابر في محبة الطبيعة الإلهية [397].]