4. التِلاوات لطرد الأرواح الشريرة:
نرى في الليتورجيات القديمة جميعها وجود خطين واضحين هما: طرد الأرواح الشريرة من طالب العماد والدخول به إلى مملكة المسيح. هذا ما نلمسه في ليتورجيات العماد القبطية والأرمينية والبيزنطية والإثيوبية وغيرها.
تروي لنا إثيريا الراهبة الأسبانية [330] أن طالب العماد كان يخضع لطقس طرد الأرواح الشريرة طوال الصوم الكبير، كما حدثنا القديس كيرلس الأورشليمي عن هذا الطقس، وكما يقول القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس: [لا تحتقروا دواء طرد الشياطين، ولا تتعبوا من طول الصلوات، لأن هذه كلها امتحان لصدق النفوس وإخلاصها في طلب المعمودية باشتياق [331].] ويقول الأب ثيؤدور المصيص: [حتى وإن كان الشيطان عنيفًا وقاسيًا يلزمه أن ينسحب من قلوبكم بكل سرعة بعد هذا النطق الرهيب واستدعاء رب الكل [332].]
وقد وصف لنا القديس يوحنا الذهبي الفم والأب ثيؤدور كيف يقف طالب العماد في خوف وخشية، إما منتصبًا باسطًا يديه أو راكعًا، وهو حافي القدمين، يقف على مسوح خشنة من الصوف كمن يصلي طالبًا من الله أن يرق لحالة العبودية التي سقط فيها تحت أسر إبليس وجنوده:
* إظهار القدمين العاريتين وبسط اليدين يشيران إلى شيء آخر بالنسبة لنا، إذ يَظهر الذين يُعانون من سبي الجسد بهذا الوضع معلنين كآبتهم على ما حلّ بهم، كما إنهم بهذا العمل الخارجي الظاهر يُذكّرون أنفسهم بحالهم السابق عندما يبدأون في التحرر من سبي إبليس ويدخلون تحت نير الصلاح [333].
* أولًا تحني ركبتيك بينما يكون بقية جسدك منتصبًا، فتكون في وضع من يصلي، باسطًا يديك نحو الله... متطلعًا نحو السماء.
بهذا الوضع تقدم الصلاة لله وتتوسل إليه أن يمنحك الخلاص من سقطتك القديمة ويهبك الشركة في الخيرات السماوية.
وأنت على هذا الوضع يقترب إليك الأشخاص المكلفون بالخدمة ويقولون لك ما قاله الملاك الذي ظهر للطوباوي كرنيليوس: "صلواتك سُمعت، وطلباتك استجيبت" (أع 10: 4) [334].