رسالة أبينا القديس أثناسيوس الرسولى
إلى أبكتيتوس
ضد الهراطقة
إلى سيدى وأخى المحبوب، المشتاق إليه جد، وشريكى في الخدمة أبكتيتوس، أثناسيوس يرسل تحياته في الرب .
1 ـ كنت أظن أن كل كلام بطاّل لجميع الهراطقة، مهما كان عددهم، قد توقف، منذ المجمع الذي انعقد في نيقية . لأن الإيمان المعترف به في هذا المجمع من الآباء، بحسب الكتب الإلهية، كافٍ لطرد كل كفر خارجاً، ولتوطيد إيمان التقوى في المسيح .
ولذلك فقد أقيمت في هذه الأونة، مجامع مختلفة في كل من الغال (فرنسا) وأسبانيا وروما العظمى، وجميع المجتمعين ـ كما لو كان يحركهم روح واحد ـ حرموا بالإجماع، أولئك الذين كانوا لا يزالون، وهم مستترون، يعتقدون بآراء آريوس وأولئك الأشخاص هم : أوكسنتيوس من ميلانو، وأورساكيوس وفالنس وغاريوس من بانونيا .
وجميع هؤلاء المجتمعين كتبوا في كل مكان (إذ لأن مثل هؤلاء الرجال يخترعون أسماء مجامع لمساندتهم)، ألاّ يُذكر أى مجمع في الكنيسة الجامعة سوى ذلك المجمع وحده الذي عُقِدَ في نيقية الذي كان انتصاراً عظيماً على كل هرطقة، ولا سيما الهرطقة الاريوسية ـ والتى بسببها ـ في الحقيقة اجتمع ذلك المجمع وقتئذٍ .
فكيف إذن بعد هذه الأمور، لا يزال البعض يحاول أن يثير مجادلات أو تساؤلات ؟ فلو كانوا ينتمون إلى الآريوسيين فلا يكون هناك غرابة في الأمر، إذن كانوا يذمون ما كُتب ضدهم، مثلهم مثل اليونانيين الذين حينما يسمعون القول " أصنام الأمم فضة وذهب عمل أيدى الناس" (مز4:115)، فإنهم يعتبرون التعليم الخاص بالصليب الإلهى جهالة .
أما الذين يريدون أن يبحثوا كل شئ عن طريق إثارة الأسئلة، فإن كانوا من الذين يظنون أنهم مؤمنون، وأنهم يحبون ما جاهر به الآباء، فإنهم لا يعملون شيئاً آخر سوى ما جاء في الكتاب " إنهم يسقون صاحبهم حثالة الخمر " (حب15:2) وينازعون حول ما هو غير نافع، أو ما يؤدى إلى هدم المستقيمين .