3 ـ وهكذا إذ قد برهنا على هذه الأشياء، فإنه من عدم التقوى أن يُقال إن الابن مخلوق . لأنه فى تلك الحالة سيكون هناك اضطرار للقول بأن الينبوع المتدفق مخلوق، وأن الحكمة مخلوقة، وأن الكلمة مخلوق فى حين أن كل الأشياء هى خاصة بالآب . ومن هذه الأشياء يمكن للواحد منا أن يتبين عدم صحة ما فهمه مجانين الآريوسية. ولو كنا نحن متشابهين، ولنا شخصيتن، ونحن من جوهر واحد، لذا فالبشر متشابهون إذ لهم شخصيتهم، ولنا جوهر واحد بعضنا مع بعض. إذ للجميع نفس الجوهر، المائت الفاسد، المتغير، المخلوق من العدم . والملائكة أيضاً لهم نفس الطبيعة فيما بينهم وبين انفسهم وكذلك أيضاً جميع الخلائق الأخرى بالمثل. وإذا صح هذا الأمر فكيف يبحث المتشككون إن كان هناك أى تشابه بين الابن والمخلوقات، أو كانت الأشياء التى تخص الابن يمكن أن توجد بين الأشياء المخلوقة، فكيف تجرؤ الخليقة أن تنطق كلمة الله. ولكن ليت الساقطين والضالين لا يمسون إطلاقاً ما يخص التقوى ـ فإنه ليس بين المخلوقات من هو ضابط للكل، وليس هناك (ضابط للكل) يضبط ويحفظ ضد ضابط آخر، لأن كل واحد منهما يكون خاصاً بالله. لأن " السموات تتحدث بمجد الله " (مز2:18) أما " الأرض وملؤها فهى للرب " (مز1:23) و " البحر رآه فهرب " (مز3:113) وكل خدامه المختصون بالعمل : "عاملون كلمته " (قارن مز20:102)، وطائعون أمره. فالابن ضابط الكل، مثل الآب . وهذا هو ما كُتب وأُثبت. ومرة أخرى أيض، فإنه لا يوجد بين المخلوقات ما هو غير متغير بطبيعته. لأن بعض الملائكة لم يحفظوا رتبتهم الخاصة بهم، فحتى "الكواكب غير طاهرة أمامه "( أيوب 5:25) . وقد سقط الشيطان من السماء، وحذا آدم حذوه، وكذلك أيضاً كل الذين يعصون الله . أما الابن فهو غير متغير وغير قابل للتحول كالآب تماماً . وها هو بولس يرجع بذاكرته إلى ما جاء فى المزمور 101 فيقول " وأنت يارب فى البدء أسست الأرض، والسموات هى عمل يديك. هى تزول وأنت تدوم، وكلها كثوب ستبلى . وكرداء تطويها فتتغير أما أنت فكما أنت وسنوك لن تفنى " (عب10:1ـ12). ومرة أخرى يقول " يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد " (عب8:13).